أركان الإيمان

الإيمان يعني التصديق بأركانه وأصوله الثابتة في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكِتابِهِ، ولِقائِهِ، ورُسُلِهِ، وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ كُلِّهِ)،[١] فلا يتحقّق الإيمان إلّا بالتصديق بالأركان كلّها،[٢] فالإيمان بالقضاء والقدر ركنٌ من أركان الإيمان، ويُعرّف القضاء لغةً بأنّه: الحكم والفصل، أمّا القدر فهو: مصدرٌ من قدّرت الشيء أقدره؛ أي أحطت بمقداره،[٣] أمّا تعريفهما في الاصطلاح الشرعيّ وبيان الفرق بينهما ففي الفقرة التالية.


ما الفرق بين القضاء والقدر؟

اختلف العلماء في حقيقة وجود فرقٍ بين القضاء والقدر؛ فقال البعض منهم كابن باز -رحمه الله- بعدم وجود أي فرقٍ بينهما وأنّهما مصطلحان لمعنى واحدٍ، فقد قال: (القضاء والقدر، هو شيءٌ واحدٌ، الشيء الذي قضاه الله سابقاً، وقدّره سابقاً، يُقال لهذا القضاء، ويُقال له القدر)، وذهب فريقٌ آخرٌ من العلماء إلى التفريق بينهما وبيان ما ذهبوا إليه آتياً:[٤]

  • قال البعض من العلماء كابن حجر -رحمه الله- إنّ القضاء سابقٌ على القدر؛ أي أنّ القضاء ما قدّره الله -تعالى- وقضى وحكم به منذ الأزل، أمّا القدر فهو إيجاد المخوقات وغيرها بحسب ما قضاه الله في الأزل، وفي ذلك ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري: (قال العلماء: القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله)، وقال أيضاً: (القضاء الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل)، وقال الجرجاني: (القدر: خروج الممكنات من العدم إلى الوجود، واحداً بعد واحدٍ، مطابقاً للقضاء، والقضاء في الأزل، والقدر فيما لا يزال، والفرق بين القدر والقضاء: هو أنّ القضاء وجود جميع الموجودات في اللوح المحفوظ مجتمعةً، والقدر وجودها متفرقةً في الأعيان بعد حصول شرائطها).
  • قال البعض الآخر من العلماء إنّ القدر سابقٌ على القضاء؛ أي أنّ القدر هو ما قدّره الله وحكم به منذ الأزل، أمّا القضاء فهو إيجاد الله للمخلوقات بحسب ما قدّره، وفي ذلك قال الراغب الأصفهاني في المفردات: (والقضاء من الله تعالى أخصّ من القدر؛ لأنّه الفصل بين التقدير، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع وقد ذكر بعض العلماء أنّ القدر بمنزلة المُعَدِّ للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل، ويشهد لذلك قوله تعالى: (وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا)، وقوله: (كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا)، وقوله: (وَقُضِيَ الأَمْرُ)؛ أي فصل، تنبيهًا أنّه صار بحيث لا يمكن تلافيه).
  • قال بعض العلماء كابن عثيمين -رحمه الله- بالتفريق بين القضاء والقدر إن ذُكر كلٍّ منهما على حدة، وعدم وجود أيّ فرقٍ بينهما إن ذُكرا معاً، ويُراد بالقدر إن ذُكر وحده ما قدّره الله -تعالى- أن يكون في خَلقْه منذ الأزل، أمّا القضاء فهو ما قضاء الله -سبحانه- في مخلوقاته من الإيجاد أو العدم أو التغيير.


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:10، صحيح.
  2. عبد الله بن عبد الحميد الأثري، الإيمان حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 113. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 243. بتصرّف.
  4. محمد صالح المنجد (6/12/2016)، "هل هناك فرق بين القضاء والقدر ؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/4/2021. بتصرّف.