العمرة لُغةً: من الاعتمار وهو قصدُ الشيء لزيارته، وفيه من الإعمار وإنشاءِ الودّ بتلك الزيارة، وهي شرعاً: قصد المسلم معتمراً بيتَ الله الحرام، لأداء مناسِكها وأعمالها، من إحرام وطواف وسعي وتحللّ بحلق أو تقصير، وذلك بشرط نية التعبد لله عزّ وجل، وقد أجمع أهل العلم على مشروعيتها، واختلفوا في حكمها، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك إلى أنها سنة، وقال الإمامان الشافعي وأحمد بن حنبل أنها واجبة مرة واحدة في العمر.[١][٢]


صفة العمرة

تؤدى العمرة بالكيفية الصحيحة من خلال الخطوات الآتية:[٣]


الإحرام

  • إنّ العبد المسلم إذا أراد أن يقوم بأداء منسك العمرة، يجب عليه أن يحرم لها من أحد المواقيت المكانية المحددة في الشريعة الإسلامية.
  • حيث يتجرّد المسلم من ثيابِه التي يرتديها ثمّ ينوي الغُسل كغسل الجنابة، ومن بعد غُسله يتطيّب بأطيبِ الطيب من عودٍ أو مسك، والغُسل عند الإحرم سنةٌ واردةٌ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وذلِك على الجميع رجالاً ونساءً حتى لو كانت المرأة حائضاً أو نفساءً.
  • ثمّ بعد غُسلِه يلبس ملابس الإحرام، وهذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب الساترة، ثمّ ينوي الصّلاة -عدا الحائض والنفساء؛ فإنّهما لا صلاةَ عليهما، فيصلّي الفريضة، إن وافق ذلك وقت فريضة، أو يُصلّي ركعتين سنة الوضوء إذا كان الوقت غير وقت فريضةٍ.
  • فإذا انتهى من صلاته، أحرم للعمرة، وبدأ قائلاً: " لبيكَ عمرةً، لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك، لبّيك لا شريك لك لبّيك"، ويسنّ للرجل أن يرفع صوته، والمرأة تقولها بالقدر الذي يسمع فيه صوتها بمن يحاذي جنبَيها، وفي حالِ كان المُحرِم يخاف من عائقٍ يُعيقُه عن تمام نُسكه العُمريّ، وأداء العمرة كاملة كما يجب، فإنّه يشترط حال إحرامه أن يقول: " إن حبسني حابسٌ فإنّي محلّي"، أي إذا أعاقه عائقٌ عن تمام مناسكه كمرضٍ أو تأخّر لأمرٍ ضروريّ أو غيره، فإنّه يتحلّل من إحرامه ذاك، ولا شيء عليه بعد ذلِك.
  • وممّا ينبغي على المُحرِم للعمرةِ الإكثار من التلبية في حال تغيّرت الأحوال أو الأزمان، مثل تعاقب الليل والنّهار، وأيضاً كأن يعلو على مرتفعٍ أو ينخفضَ منخفضاً؛ وعليه أن يبقى لسانُه منشغلاً بالدّعاء لله -عزّ وجلّ - أن يبلّغه بفضلِه ورضوانِه الجنان وأن يصرفَه برحمتِه ومغفرتِه عن النّيران، وتعد التلبية سنةٌ مشروعةٌ على المُحرم للعمرةِ من حين إحرامِه إلى بدئِه بالطواف.


الطواف

  • مع اقتراب المسلم من مكّة البلد الحرام يغتسل لدخولِه إيّاها، وذلِك واردٌ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فإذا دخل المسجد الحرام قدّم رجلَه اليُمنى، قائلاً: (أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبلسطانه القديم، من الشيطان الرجيم).[٤]
  • ثمّ يقترب من الحجر الأسود وذلك ليبدأ بالطواف من عنده، ويُقبّله إن تيّسّر له تقبيله، ويُشير إليه بيدهِ إن لم يتيّسر له استلامُه أو إمساكُه ويبدأ بالتكبير والتهليل، ومن السّنة أن يكون هادئاً لطيفاً فلا يُزاحم النّاس فيؤذِيهم أو يضرّهم، وذلك لما ورد عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه أوصى عمراً ألا يُزاحم النّاس فيؤذِيهم، وإذا استلم الحجر قال: (بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم)، ويجعل ذاتَه على اليمين والبيت على يساره.
  • وإذا وصل للركن اليماني استلمه بدون تقبيل، وإذا لم يتيسر له لا يُزاحم النّاس ويدافِعهم؛ ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود قوله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[٥] وكلّما جاء مارّاً بالحجر الأسود كبّر وهلّل، وأخذ يدعو الله عزّ وجلّ بكلّ ما يُحبّ ويتمنّى، ويقرأ القرآن ويذكره بين الحين والآخر.
  • وينبغي على الرجل أن يفعل شيئين في طوافه، وهما: الاضطباع، من أوّل الطواف إلى نهايتِه؛ وهو أن يجعل وسط ثوبه تحت إبطه اليمين، وأطرافِه على كتفه اليسار، فإذا انتهى من طوافِه أعاده إلى ما كان عليه، وذلك لأنّ الاضطباع مكانُه الطواف فحسب، والرّمل، ويكون في الأشواط الثلاثة الأولى فحسب، وهو الإسراع في خطواتِه مع تقاربها، وأمّا الأشواط الأربعة الباقية فتكون مشياً كالعادة.
  • وبعد انتهائِه من الطواف، يقترب لمقام إبراهيم عليه السلام ثمّ يُصلّي عنده ركعتين، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة الكافرون، وفي الثانية الإخلاص.


السعي بين الصفا والمروة

  • فإذا فرغ من صلاته ذهب لمسعاه وقرأ قوله تعالى: (إنّ الصَّفَا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله)،[٦]، ثمّ يصعد الصفا حتى يرى الكعبة، فيحمد الله تعالى ويرفع يديه داعياً الله تعالى بما شاء أن يدعو به، وكان من أكثر دعاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ههنا: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)، ويكرره ثلاث مرات، ويدعو بينهم.
  • ثمّ ينزل للسعي بين الصفا والمروة سبع أشواطٍ، يركضُ إذا رأى العلم الأخضر ركضاً لا يؤذي أحداً فيه، فإذا أتى العلم الأخضر الثاني مشى إليه حتى يصل إلى المروة فيصعد عليها ويستقبل القبلة، ويدعو ما قاله على الصّفا، ثم ينزل، ويسعى في موضع السّعي، وإذا جاء للصفا فعل كما فعل في كلّ مرةٍ وهكذا في المروةِ، سبعةَ أشواطٍ كاملةً.


الحلق والتقصير

وبعد إتمام أشواط السعي بين الصفا والمروة يحلقَ الرجل شعر رأسه، وهو أفضلٌ له من التقصير، والمرأة تُقصّر قدراً يسيراً من شعرها، ويجب أن يشمل الحلق والتقصير جميع أطراف الشعر من الرأس، وبعد ذلك يتحلّل تحللاً كاملاً ويفعل ما يفعله المتحلّلون من لبسِ الثياب وقص الأظافر ووضع الطيب ومواقعة النّساء، ويكون قد أتم أداء العمرة.


المراجع

  1. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 11-10. بتصرّف.
  2. "حكم العمرة"، الإسلام سؤال وجواب، 26-1-2003، اطّلع عليه بتاريخ 29-8-2021. بتصرّف.
  3. ابن عثيمين، المنهج لمريد العمرة والحج، صفحة 21-18. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6651، حسن.
  5. سورة البقرة، آية:201
  6. سورة البقرة، آية:158