شروط تقصير الشعر في العمرة للرّجل
اتّفق أهل العلم من أصحاب المذاهب الفقهية المعتبرة على أنّ تقصير جميع شعر الرأس أفضل من تقصير بعضه سواء بالحجّ أو العمرة؛ فضلاً عن كون الحلق أفضل من التّقصير -كما سيأتي بيانه، غير أنّهم تعدّدت مذاهبهم في الحدّ الأدنى المجزء للتّحلل في حال اختار المحرم التّقصير لا الحلق، وفيما يأتي تفصيل المسألة وأحكامها:[١]
- ذهب الحنفية إلى أنّ أقلّ الواجب في التّقصير ما زاد على قدر الأنملة، وقدر الأنملة هو: رأس اصبع اليد من مفصلها الأعلى، وذلك حتى يحقق التّقصير من جميع الشعر.
- ذهب المالكية والحنابلة إلى أنّ أقلّ الواجب في التّقصير يكون بقدر الأنملة من جميع شعر الرأس، أو يزيد أو نقص قليلاً.
- ذهب الشافعية إلى أنّ القدر المجزئ في التّقصير هو إزالة ثلاث شعرات، والإزالة تكون بالحلق أو التّقصير أو النّتف أو الإحراق.
وتجدر الإشارة إلى أنّ العلماء تنالوا مسألة الأصلع الذي لا شعر على رأسه؛ فقالوا يستحبّ له أنْ يُمرّر الموس -الشّفرة- على رأسه، وذهب الحنفية إلى أنّه واجب في حقّه.[١]
التقصير جائز والحلق أفضل منه
اتفقت جماهير أهل العلم على أنّ التّقصير وإنْ كان مجزئاً في التّحلل من العمرة أو الحج للرّجل إلا أنّ الحلق أفضل منه، واستندوا في ذلك لعدّة أدلة، وبيانها فيما يأتي:[٢]
- ظاهر قوله -عزّ وجلّ-: (.. لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ..)،[٣] ووجه الدّلالة أنّ الآية ابتدأتْ بالحلق قبل التّقصير، والعرب في كلامها تقدّم ما كان أوْلى وأفضل.
- التّفضيل الظاهر في تكرار ترحّم النبي -صلى الله عليه وسلم- على المحلّقين؛ ففي الصحيح عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (حَلَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَحَلَقَ طَائِفَةٌ مِن أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ. قالَ عبدُ اللهِ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: رَحِمَ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ).[٤]
- نُقل إجماع أهل العلم على ذلك، وممّن نقل هذا الإجماع عنهم ابن عبد البر والنووي -رحمها الله-
- يرى أهل العلم أنّ الحلق أبلغ في تحقيق النّسك والتّجرد من التّزيّن، وأظهر في الخضوع لله -عزّ وجل-، وأبين في إظهار الافتقار لله -سبحانه-؛ إذ إنّ المقصّر يُبقي على ما يُتزّنُ به خلافاً للحالق.[٥]
شروط تقصير الشعر في العمرة للمرأة
ابتداءً اتفقت جماهير أهل العلم على أنّ المرأة المحرمة لم تؤمر بالحلق، وإنما عليها التّقصير، وفي هذا يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ على النِّساءِ حَلقٌ إنَّما على النِّساءِ التَّقصيرُ)،[٦] والحلق بحقّ المرأة مُثلةٌ وتشويه لا يريده الشّرع؛ لذا شُرع لها التّقصير، وتقصر المرأة للتّحلل من الإحرام من شعرها بمقدار أنملة، وهي مفصل الإصبع؛ فتجمع ضفائر رأسها أو أطرافه وتقص قدر أنملة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة.[٧]
المراجع
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، سوريا:دار الفكر، صفحة 2269، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 290، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الفتح، آية:27
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1301 ، صحيح.
- ↑ ابن حجر العسقلاني (1379)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، بيروت:دار المعرفة، صفحة 564، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1985 ، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 290-291، جزء 2. بتصرّف.