الإيمان

يعرف الإيمان في اللغة بأنه مطلق التصديق والإقرار، وأما في الاصطلاح الشرعي: فهو التصديق الجازم بالله تعالى وتوحيده والتصديق بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، حيث جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما سأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فأجابه: (أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ).[١][٢]


شرح الإيمان قول وعمل

أجمع أهل السنة والجماعة على أن الإيمان قول وعمل، فهو أصل من الأصول المهمة التي يجب على كل مسلم العلم والإحاطة به، حيث إن مذهب أهل السنة والجماعة وعقيدة الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين ومن تبعهم من العلماء والأئمة أن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فحقيقة الإيمان الشرعي أنها تتكون من قسمين القول والعمل، فالقول قسمان؛ قول اللسان: أي التكلم بكلمة الإسلام وهي النطق بالشهادتين، فيقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، حيث دلّ على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه عندما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد عبد قيس فقال لهم: (أتَدْرُونَ ما الإيمانُ باللَّهِ وحْدَهُ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ..).[٣]


فدلّ ذلك أن الإيمان يشمل القول باللسان، وقول القلب: أي الإقرار والتصديق بمقتضى الشهادتين، والإيمان بكل ما جاء به الله تعالى وجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، والإيمان بأركان الإيمان الستة، والعمل ثلاثة أقسام؛ عمل القلب: أي نية القلب وإخلاصه، وخشوعه وانقياده، وخوفه ورجائه، ومحبته وحيائه، وغير ذلك من أعمال القلوب، وعمل اللسان: أي انشغال اللسان بذكر الله تعالى، كالتسبيح والتحميد، وقراءة القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك، وعمل الجوارح: أي عمل البدن، كالصلاة والصيام والحج والجهاد، ونحو ذلك، ومما يدل على ذلك ما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ)،[٤] فقول لا إله إلا الله من أعمال اللسان، وإماطة الأذى عن الطريق من أعمال الجوارح، والحياء من أعمال القلوب، فكل ذلك داخل في مسمى الإيمان.[٥][٦][٧]


وعليه فإن الإنسان بفعله للطاعات والأعمال الصالحة التي تقربه إلى ربه عزّ وجلّ يكون بذلك يزيد في إيمانه، وفي فعله للمعاصي والمحرمات يكون ينقص في إيمانه، ومما يدل على ذلك قوله الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)،[٨] فهذه الآية تدل على أن ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن تزيد إيمان العبد، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ)،[٩] فهذا الحديث يدل على أن الزنا والسرقة وغيرهما من المعاصي تكون سبباً لنقصان الإيمان.[٥][٦][٧]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
  2. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 109. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:53، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:35، صحيح.
  5. ^ أ ب عبد العزيز الراجحي، شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث، صفحة 8. بتصرّف.
  6. ^ أ ب خالد المصلح، شرح العقيدة الواسطية، صفحة 2-3. بتصرّف.
  7. ^ أ ب عبد الرحيم السلمي، شرح العقيدة الطحاوية، صفحة 3. بتصرّف.
  8. سورة الأنفال، آية:2
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6782، صحيح.