أولو العزم

أولو العزم من الرّسل هم خمسة:

  • محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم-
  • نوح عليه السلام
  • إبراهيم عليه السلام
  • موسى عليه السلام
  • عيسى عليه السلام


وقد تم ذكرهم في قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)،[١] فالله -عزّ وجلّ- أرسل من الرسل الكثيرين، حتى زاد عددهم على ما يقارب الثلاثمائة رسولٍ عليهم صلوات الله وسلامُه، وقد بلغَ أعداد الأنبياءِ عليهم صلوات الله وسلامه ألوفاً جمّة، إلا أنه اصطفى من هؤلاء الأنبياء والمرسلين خمسةً سمّاهم بأولي العزم كما ذكر في كتابِه العزيز موصياً النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالصبر كما صبروا فقال: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)،[٢] وجاء وصفهم بهذا الوصف تكريماً لهم على صبرهم؛ فقد كانوا أصحاب قوّة وعزمٍ في نصرة الدين، وأخذوا بأمر الله تعالى بالقوّة والعزيمة، مع العلم أنّ سائر الأنبياء والمرسلين قد أخذوا أمر الله تعالى بالقوّة والعزم، ولكنّه سبحانه وتعالى يختصّ بفضله على من يشاء من عبادهِ، ويختار ويصطفي من يشاء؛ ففضّلهم على غيرهم.[٣]


التعريف بأولي العزمِ من الرّسُل

مدح الله تعالى كلّ واحدٍ من أولي العزم بصفةٍ بارزةٍ فيه؛ فوصفَ عبده نوحاً -عليه السلام- قائلاً سبحانه وتعالى: (ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلنا مَعَ نوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبدًا شَكورًا)،[٤] وأثنى على خليله إبراهيم -عليه السلام-؛ فقال تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى)،[٥] وقال أيضاً: (إِنَّ إِبراهيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّـهِ حَنيفًا وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكينَ* شاكِرًا لِأَنعُمِهِ)،[٦] ومدح نبيّه موسى -عليه السلام- فقال: (وَكَانَ عِندَ اللَّـهِ وَجِيهًا)،[٧] وفي معرض الحديث عن عيسى -عليه السلام- قال فيهِ: (وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)،[٨] وجاءَ في خطابه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٩] وفيما يأتي تعريف بسيط بهم:[١٠][١١]


نوح العبد الشّكور

إنّ نوحاً -عليه السلام- أبو البشر الثاني؛ فهو قد أُرسِل بعد آدمَ -عليه السّلام- مباشرةً، حيث اصطفاه الله -عزّ وجلّ- واجتباه للنبوّة، وقد تحمّل نوحٌ -عليه السلام- كثيراً؛ حتى أصبح نموذجاً فريداً في الصبر والمصابرةِ والثبات؛ وقد لبث يدعو قومَه ألف سنة إلا خمسين عاماً، كما ذكر في القرآن فقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ)،[١٢] حيث اتضح في هذهِ السنين، صبر وجلد نوح -عليه السلام- وبرزت أساليبه المباركة في الدعوة إلى الله تعالى، حتى كانت تضحياته متواصلة لا يفتُر ولا يملّ، وقد كرّمه الله تعالى -عزّ وجلّ- بذكرِ قصّتِه في ثمانيةٍ وعشرين موضعاً في كتابه، وجاءت سورةً تحمل اسمه (سورة نوح).


إبراهيم الحنيف الخليل

إنّ إبراهيم -عليه السلام- من نماذج الصبر الخالدة، وهي خيرُ مثالٍ للدّعوة إلى الله تعالى، فقد كان مربياً حليماً مائلاً عن الشرك إلى التوحيد، وممّا يبرز في شخصيّته تماماً صفتَي الحِلم والصبر في شتّى مواطن حياته؛ وقد جاءتْ مجادلته مع قومه في كتاب الله تعالى تؤكّد صلابته وصدقه مع الله تعالى، وظهرت مواقف صبره وقتما ألقيَ في النّار، وصبر على التعذيب وعلى فراق زوجته وابنه، وقد صابَر وصبرَ واصطبر وقتما اختُبِر في ذبح ابنه وفدائِه؛ حتى جاءت سورةً كاملة تحمل اسمه (سورة إبراهيم).


موسى كليم الله

إنّ موسى -عليه السلام- من أنبياء بني إسرائيل، الذين جاهدوا في الله حق الجهاد، فشأنه كشأن أولي العزم من إخوانه الذي قدّموا وصبروا وتحمّلوا؛ فقد تغمّده الله تعالى بعنايته كما ورد في كتابه الكريم، واصطنعه لنفسه وصنعه على عينِه، ومواقفه مع بني إسرائيل كثيرة وفيها من العِبر الكمّ الوافر؛ فقد بيّن الله سرائرهم وعرّف الخلقَ بهم وبصفاتِهم الرذيلة، وبين مواقفه مع فرعون، وصبره وتحمله في الدعوة، حيث أيده الله تعالى بالعديد من المعجزات، واستخدم الكثير من الأساليب، ورافقه أخوه النبيّ هارون معه -عليهما السلام- في الدعوة وصبروا على قومهما وعلى فرعون إلا أنهم كفروا وجحدوا.


عيسى كلمة الله

إنّ عيسى عليه السلام آخر الأنبياء الذين أرسلوا إلى بني إسرائيل، وقد حثّه الله وأمّه بعنايةٍ فائقةٍ منذ ولادته، فتحمّلت مريم -عليها السلام- مشاقّ ولادتها به، واتّهامها بالفاحشة، ولكنّ الله كرّمها بالنبيّ الابن البارّ عيسى إذ كلّم النّاس في المهد، وهو طفل رضيع، وبيّن عبوديته لله تعالى، وأن الله قد اصطفاه بالنبوة فأتاه الكتاب والحكمة، وصابرَ وصبرَ على أذى قومِه بني إسرائيل، وقد ادّعى فيه قوماً ما ليس فيه، وافتروا عليه الكذب فزعموا صلبه، وقد احتوى كتابُ الله تعالى قصّته بمواقفه مع قومه في أكثر من سورة.


خير خلق الله، وسيّد ولد آدم مُحمّد -صلّى الله عليه وسلّم-

إنّ النبيّ محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم- هو سيّد الصّابرين وإمامهم وقدوتُهم، فهو لاقى ما لاقي من العذاب والإيذاء من قومه، وكان أعظم نموذجٍ في الصبر والثبات والجهاد، ولا يخفى على أحد أنّه منذ أن بُعث إلى أنِ انتقل إلى الرفيق بجوار ربّه قد تحمّل وذاق من الأذى ما لم يذقه غيرُه من الأنبياء، وقد حفّه الله بعنايةٍ خاصة، إذ هو رحمةٌ للعالمين في كلّ مواطن حياتِه، ولقد اصطفاه الله بقلبٍ مطمئن بالإيمان، موقنٌ به حقّ اليقين، فقد كان أنموذجاً يُحتذى به في كلّ شيءٍ؛ باللطف واللين والرحمةِ والصّبر والجهاد والثبات؛ فقد حملَ همّ الدّين في قلبِه ومضى يبلغ رسالةَ ربّه بكلّ قوّة وعزم وصبر، وحُقّ له أن يكون أشرف المرسلين، وسيّد الخلقِ كلّهم أجمعين -صلّى الله عليه وسلّم-.


المراجع

  1. سورة الشورى، آية:13
  2. سورة الأحقاف، آية:35
  3. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 5. بتصرّف.
  4. سورة الإسراء، آية:3
  5. سورة النجم، آية:3
  6. سورة النحل، آية:120- 121
  7. سورة الأحزاب، آية:69
  8. سورة آل عمران، آية:45
  9. سورة القلم، آية:4
  10. "أولو العزم من الرسل، وسبب تسميتهم بذلك"، إسلام ويب، 25-1-2003، اطّلع عليه بتاريخ 21-8-2021. بتصرّف.
  11. الجامعة المدينة العالمية، أصول الدعوة وطرقها 2 جامعة المدينة، صفحة 27-33. بتصرّف.
  12. سورة العنكبوت، آية:14