ما هو أصلُ الإيمان؟
أصلُ الإيمان قد يُقصد به ما كانَ في القَلب، وقد يُقصد به حقيقة الإيمان الكاملة المتضمنة للقَول والعمل، فأصلُ الإيمان هو القولُ القلبيّ الذي يُعرف بالتّصديق الجازم، والعمل القلبيّ الذي هو عبارة عن الخضوع بسبب المحبة، والأقوال والأعمال القلبيّة هي: التّصديق، والتعظيم، والمحبة، ونحو ذلك، وما يلحقُ الإيمان من أعمالٍ وأقوالٍ بدنيّة ظاهرةٍ هي لوازِم ودلائِل لذلِك الإيمان، فكلُّ ما يكون في القلبِ، وكل ما يظهر على البدن، يدخلُانِ في أصلِ الإيمان ومعناه، وإذا زال أصلُ الإيمان زال الإيمان عن صاحبِه على الإطلاق.[١]
الإيمانُ معناهُ وخلاصتُه
الإيمان لغةً
يشتمِل على معنَيين؛ الأمن والتّصديق، وإنّ الإيمان بالشيء هو الإقرار به على وجهه، لا مجرّد التّصديق فحسب، والإقرار يدخل في قول القلبِ الذي هو التّصديق -كما أسلفنا في أصل الإيمان- وعمل القلبِ هو الانقياد والمحبّة على سبيل الخضوع.[٢]
الإيمان شرعاً
هو التّصديق على وجه الجزم، والإقرار على وجه الكمال، والاعتراف على وجه التّمام، أنّ الله سبحانه موجودٌ بربوبيّته وألوهيّته وأسمائِه الحسنى وصفاتِه العلى، وأنّه وحدَه المستحقّ للعبادة، مع أمن القلبِ واطمئنانِه لذلِك؛ بحيث تُرى آثار ذلِك الإيمان على سلوكيّات العبد، بالتزامِه بما أمر الله سبحانه به، واجتنابِه ما نهى الله سبحانه عنه،[٣] والإيمان يُعرَف كذلِك بأركانِه، وهو أن تؤمن بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسلِه، وتؤمن بالقدر خيرهِ وشرّه.[٤]
خلاصةُ الإيمان
إنّ خلاصةَ الإيمان تشمل كافّة العبادات والطّاعات الباطِنة والظّاهرة، فالباطِنة؛ هي المتعلقة بالقلب وأعمالِه من تصديقٍ وإقرار، والظّاهرة: هي المتعلقة بالبدن من أعمالٍ؛ كالواجبات والمندوبات، ويدخل في ذلِك كلّه قولُ اللّسان، وعمل الجوارِح، ولا يُجزّئ واحدٌ دون الآخر، فعمل الجوارح داخلٌ في معنى الإيمان وهي جزءٌ مهمّ منه.[٥]
مراتبُ الإيمان
إنّ الإيمان -كما هو معلومٌ بالضّرورة- يزدادُ بالطّاعة، وينقُص بالمعصية، وتتعدّد مراتبُه بحسبِ أصحابِه من حيثُ عملُهم وعِلمهم؛ وقد بيّن الله تعالى في كتابِه الكريم المراتبُ التّالية ذكرُها بالآية الكريمة: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)،[٦] ومراتبُ الإيمان هي:[٧]
ومراتبُ الإيمان هي:
أصلُ الإيمان
وهذهِ المرتبة من الإيمان لا تقبلُ النّقص؛ فهي حدّ الإسلام، وهي الفاصِل بين الإيمان والكُفر، وهي مرتبةٌ واجبةٌ على كلّ من هو داخلٌ في الإيمان، وهي شرط في صحته، وتثبتُ بها الأحكام الشرعيّة، ويدخل في هذه المرتبة من لم يكتمل إيمانه بالطاعات، ومن ارتكب المعاصي والمحرمات، وأهل الكبائر، ويسمى صاحب هذه المرتبة مؤمناً ناقص الإيمان، أو عاصياً، أو فاسقاً، أو ظالماً لنفسه.[٨]
واجِبُ الإيمان
وهذه المرتبة تأتي بعد أصل الإيمان؛ حيثُ إنّ صاحبَها هو ممّن يقوم بأداء الواجبات، ويجتنبُ المعاصِي والكبائِر، وهو ملتزمٌ بكافّة تفاصيل الشريعة، وذلِك حسب استطاعتِه؛ تصديقاً وعملاً وعلماً، وعلى قدر زيادة علمه وعمله يزداد إيمانُه، وتكفّر عنه سيئاتِه بارتكابِه لبعض الصّغائر؛ وذلك لاجتنابِه الكبائر، والعبد الذي يتورّع عن الوقوع في الصّغائر يكون أكمل وأعلى إيماناً ممّن قد يقع فيها، ويُعرَف أصحاب هذهِ المرتبة بالمقتصدين.[٩]
مستحبُّ الإيمان
وهي مرتبةٌ تأتي بعد واجبِ الإيمان، ولا يكتفي العبد فيها بأداء الواجبات، واجتنابِه للمعاصِي والآثام، بل يزداد إيمانُه بإضافتِه للمستحبّ والمندوب من العمل، والابتعاد عن كلّ ما هو مكروهٌ أو مشتبهٌ به، وما هذا إلا بتوفيق الله تعالى له في ذلِك، ويُعرف أصحاب هذه المرتبة بالسّابقين بالخيرات.[١٠]
المراجع
- ↑ "أصل الإيمان وحقيقته وزيادته ونقصانه"، إسلام ويب، 15/2/2010، اطّلع عليه بتاريخ 17/12/2021.
- ↑ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، كتاب الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 19_21. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، كتاب الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 25. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 71. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، كتاب الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 25. بتصرّف.
- ↑ سورة فاطر، آية:32
- ↑ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، كتاب الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 49. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، كتاب الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 50-51. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، كتاب الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 51-52. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، كتاب الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 52. بتصرّف.