يجب على من يريد أداء العمرة أن يمرّ من أحد المواقيت المكانية التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- ليحرم منها، والإحرام هو عقد النية في الدخول في نسك العمرة، وبعدها ينطلق إلى مكة المكرمة متوجهاً إلى بيت الله الحرام ليؤدي أعمال العمرة، حيث إن الإحرام أول مناسك وأعمال العمرة، وآتياً بيان أهم المسائل المتعلقة بالإحرام من الميقات:


حكم الإحرام من الميقات للعمرة

إن الإحرام من الميقات المكاني للعمرة واجب من واجبات العمرة؛[١] فيجب على من يقصد نسك العمرة المرور بالميقات والإحرام منه، وميقات الأفاقي الذي يقيم خارج مكة المكرمة خمسة مواقيت جاءت في الحديث الصحيح: (وَقَّتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ لِمَن كانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ).[٢][٣]


وأما المكي الذي يقيم في مكة فميقاته من الحلّ؛ أي المناطق التي تكون خارج حدود الحرم من جميع الجهات؛ كالتنعيم والجعرانة، دل على ذلك عندما أرادت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن تحرم للعمرة وهي في مكة المكرمة، فأذن لها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تحرم من منطقة التنعيم؛ جاء في الحديث: (يا رَسولَ اللَّهِ، اعْتَمَرْتُمْ ولَمْ أعْتَمِرْ، فَقالَ: يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، اذْهَبْ بأُخْتِكَ، فأعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فأحْقَبَهَا علَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ).[٤][٥]


شروط الإحرام من الميقات للعمرة

اشترط الفقهاء لصحة الإحرام من الحج شرطين؛ الإسلام والنية؛ فلا يصح الإحرام بالعمرة والدخول بالنسك من غير المسلم، حيث إن الإسلام شرط أساسي في قبول وصحة العبادات جميعها، كما يشترط عقد النية بالإحرام بالعمرة، فالنية شرط لقبول العبادة، والإحرام عبادة، وقد زاد الحنفية لهذين الشرطين التلبية؛ فيشترط عندهم اقتران التلبية عند عقد النية بالإحرام، في حين ذهب جمهور الفقهاء أنها سنة من سنن الإحرام.[٦][٧]


كيفية الإحرام من الميقات للعمرة

يسنّ للمسلم والمسلم عند وصوله الميقات فعل عدة أمور قبل أن يعقدا نيتهما للعمرة والدخول في النسك، وهي ما تعرف بسنن الإحرام؛ وآتياً ذكرها باختصار:[٥][٨]

  • التنظف والاغتسال؛ فيسنّ للمسلم أن يتنظف؛ فيقص أظافره، ويحلق شعر إبطه وعانته، ونحوه، ثم يغتسل فهو أعم وأبلغ في النظافة والتطهّر.
  • التطيب ولبس ملابس الإحرام للرجال؛ فيقوم المسلم بتطييب بدنه فقط دون الملابس لحرمة ذلك، ثم يلبس ملابس الإحرام الخاصة به، وهما الإزار والرداء، والنعال للقدمين، أما المرأة فليس لها ملابس خاصة كالرجل، حيث تلبس ما شاءت من الثياب، بشرط أن تكون ملتزمة بضوابط اللباس الشرعي؛ فيكون فضفاضاً وساتراً ومحتمشاً، ونحوه.
  • عقد نية الإحرام؛ وبعد فعل سنن الإحرام يكون المسلم قد تهيأ للإحرام، ويستحب له أن تكون نيته بعد أداء الصلاة، فإن كان وقت فريضة صلّى الفريضة ثم نوى، وإن لم يكن صلى ركعتين نافلة ينوي فيهما سنة الوضوء أو تحية المسجد ونحوه، ثم يدخل في الإحرام، ويكون ذلك بعقد نيته في قلبه، ويسن التلفظ بها، فيقول: "لبيك اللهم عمرة".


وبذلك يكون المسلم قد أحرم للعمرة، ويجب عليه اجتناب محظورات الإحرام، كلبس المخيط وتغطية الرأس للرجل، ولبس القفازين والنقاب للمرأة، كما يمنع كل منهما الصيد، والجماع ودواعيه، ووضع الطيب، وعقد النكاح، وتقليم الأظافر، والأخذ من شعر البدن والرأس.


حكم الإحرام قبل الميقات

ذهب الفقهاء بالاتفاق إلى جواز الإحرام قبل وصول الميقات وصحته وانعقاده، فقد حُدّد الميقات لمنع تجاوزه بغير إحرام، واختلفوا بين أفضلية التقدم في الإحرام عن الميقات وبين الإحرام منه؛ فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الأفضل الإحرام من الميقات، وكراهة الإحرام قبله، وقال الحنفية أن الأفضل تقديم الإحرام قبل وصول الميقات، بشرط أن يأمن المعتمر على نفسه مخالفة أحكام الإحرام.[٩]


حكم الإحرام بعد تجاوز الميقات

يجب على من قصد نسك العمرة، وتجاوزالميقات دون إحرام أن يرجع ويعود إلى الميقات ليحرم منه، فإن رجع صح منه ولا شيء عليه، وأما إذا لم يرجع وأحرم من ميقات غيره، فإنه يعد آثماً، ويلزمه الفدية لتركه واجب الإحرام من الميقات، وهي ذبح شاة، حتى لو رجع بعد أن أحرم إلى الميقات، فهو آثم ويلزمه الذبح أيضاً، فلا فائدة من رجوعه للميقات لأنه أحرم من مكان غيره.[١٠][٣]



المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 319. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1526، صحيح.
  3. ^ أ ب "المبحثُ الأوَّلُ: ميقاتُ الآفاقيِّ وأحكامُه"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 29/11/2022. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1518، صحيح.
  5. ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني، منسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 190-199. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 130. بتصرّف.
  7. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2181. بتصرّف.
  8. محمد إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 252-257. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 148. بتصرّف.
  10. عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 18. بتصرّف.