يعرف الصيام لغة بأنه مصدر مشتق من صام يصوم صوماً صياماً، ويعني الإمساك مطلقاً، والكف عن الشيء، كالكلام والطعام والشراب، ومن ذلك قوله تعالى على لسان مريم عليها السلام: (إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا)،[١] ويعرف الصيام في الشرع: بأنه إمساك مخصوص، في وقت مخصوص، على وجه مخصوص، بنيّة مخصوصة، ويعني الإمساك عن المفطرات كالأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، بنية التعبد لله تعالى، قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ).[٢][٣]


مستحبات الصيام

يستحب للصائم أن يقوم بهذه الأعمال اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذه المستحبات يثاب من يفعلها، ولا يعاقب من يتركها، وبيان بعض منها كما يأتي:[٤][٥]


تناول السحور

يستحب للصائم أن يتسّحر، وذلك امتثالاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسَحَّروا فإِنَّ في السَّحورِ بركةً)،[٦] فهو قوة للصائم يعينه على صيام يومه، ويتحقق السحور بالطعام القليل والكثير، حتى لو اكتفى بشربة ماء، ووقته من منتصف الليل حتى طلوع الفجر.


تأخير السحور

وذلك لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: (تسحَّرْنا معَ رسولِ اللهِ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ قمنا إلى الصّلاةِِ قلتُ كم بينَهما قالَ قدرُ قراءةِ خمسينَ آيَةً)،[٧] فتأخير السحور يؤدي إلى تقليل مدة الجوع عند الصائم أثناء صيام، ويساعد أيضاً على المحافظة على صلاة الفجر وأدائها في وقتها، وعدم النوم عنها.


تعجيل الفطر

فيستحب للصائم أن يعجل فطوره عند تحقق مغيب الشمس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطْرَ)،[٨] فالله عز وجل يجب أن يتمتع عباده بكرمه وفضله عليهم، وأن يبادروا بما أحل لهم من الطعام والشراب، حين ابتداء وقت الفطور.


بدء الإفطار برطب

والرطب هو التمر الليّن الذي لم ييبس، فإن لم يجد فتمرات، ويستحب أن تكون وتراً، فإن لم يجد فيشرب الماء على جرعات، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (كان رسولُ اللهِ يُفطِرُ على رُطباتٍ قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمراتٍ ، فإن لم تكن تمراتٌ حسا حسَواتٍ من ماءٍ).[٩]


الدعاء عند الإفطار

وذلك لأن الصائم له دعوة مستجابة كما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصَّائمُ حتَّى يُفطِرَ والإمامُ العَدلُ ودعوةُ المظلومِ)،[١٠] وكذلك يستحب للصائم أن يدعو أثناء النهار.


الإكثار من الأعمال الصالحة

فيستحب للصائم أن يكثر من الأعمال الصالحة، كقراءة القرآن ومدارسته وتعلمه، والصدقة، والذكر، وتفطير الصائم، وقيام الليل، وغير ذلك من أعمال الخير، فهذا كله يعزز التقوى لدى الصائم ويضاعف من أجوره ويحرص على أن يحافظ على نفسه وجوارحه، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ).[١١]


أداء العمرة

يستحب أداء العمرة، لِما لها من الأجر والفضل العظيمين، خاصة في شهر رمضان، فالعمرة في رمضان تعادل أجر حجة أو حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي).[١٢]


ترك فضول الكلام

فيستحب للصائم أن يكفّ عن فضول الكلام الذي لا فائدة منه، ويجتنب الفحش من القول والفعل، فيبتعد عن السب والشتم، وعن اللغو والرفث، وعن كل ما يشغله عن طاعة الله تعالى.


المراجع

  1. سورة مريم، آية:26
  2. سورة البقرة، آية:187
  3. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 6-7. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 159-160. بتصرّف.
  5. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 45-48. بتصرّف.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3466، أخرجه في صحيحه.
  7. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن زيد بن ثابت ، الصفحة أو الرقم:1383، حسن.
  8. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:3502، أخرجه في صحيحه.
  9. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 922، حسن.
  10. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:3428، أخرجه في صحيحه.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6، صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1863، صحيح.