من هُوَ أوّل الرّسُل؟

أوّلُ الرّسل إرسالاً من ربّ العالمينَ إلى هذهِ الأرضِ هو رسولُ اللِه نوحٌ عليه الصّلاة والسّلام، وقد أرسَله الله سبحانه وتعالى إلى قومِه الكافرين؛ حتّى يدعوهم إلى التّوحيد والاستسلامِ لله وحدَه لا شريك له، وينهاهم عن الشّركِ به، واتخاذِ أصنامٍ من دونِه؛ فأبوَا وجحدُوا بما جاءَ به؛ فقال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ* أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ).[١][٢]


نبذة عن نوح عليه السلام

فيما يأتي بيان أهم ما يتعلق برسول الله نوح عليه الصلاة والسلام، وقصته في القرآن الكريم في دعوة قومه:[٣][٤]


نسبُه وأصلُه

نوح عليه السّلام هو نوحٌ بن لامِك بن مُتوشلخ بن خَنوخ - وهو إدريس عليه السّلام-، بن يرد بن مهلاييل بن قنين بن أنوش بن شيث بن آدم، حيث ينتهِي نسبُه إلى أبي البَشر آدم عليه السلام، وقد أرسلَه الله تعالى إلى قومٍ كافرين بعد أن تدهورت وتغيّرت عندَهم أسس الحقّ والدّين؛ فاتخذوا الأصنامَ آلِهةً من دونِ الله سبحانه وتعالى، ويُذكر أنّ نوحاً عليه السّلام قد وُلِد بعد مائةٍ وستّة وعشرينَ عاماً خلَت من وفاةِ آدمَ عليه السّلام.[٥]


قصّته في القُرآن الكريم

  • تكرّرت قصّة سيّدنا نوحٌ عليه السّلام في القُرآن الكريم في سورةٍ كثيرة، وبأسالِيب متعدّدة؛ وفًصّلت في سورةِ هود تفصيلاً كثيراً، وجاءت في الأعرافِ والعنكبوت والشعراء والأنبياء، وجاءت سورةٌ كاملةٌ باسمِ نوحٍ عليه السّلام، وذكرت أهمّ معالمَ دعوتِه وأسالِيبه.
  • أرسلَ الله نوحاً عليه السّلام إلى قومٍ عُبّاد لأصنامٍ، وقد جعلُوا لها أسماءً؛ فاتّخذ نوحٌ عليه السّلام شتّى الطّرق والأساليب لدعوتِهم إلى التّوحيد، فجاءَهم بأسلوبَي التّرهيب والتّرغيب، وفي أوقاتٍ مختلِفة؛ فتارةً باللّيل وتارّة بالنّهار، ومرّة يدعوهم سرّاً، ومرةّ جهراً.
  • لم يدعْ نوحٌ عليه السّلام أسلوباً حسناً أو كلمةً طيّبة إلا وأتقنها عليه السّلام في سبيل دعوتِهم لله الواحد القهّار، لِيتركُوا عبادةَ هذه الأصنام، وما كانت أفعالُه وأساليبُه الدّعوية تلك إلا ابتغاءَ وجه الله، ولا يسألهُم أيّ أجرٍ، فقال تعالى على لسانه: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ)،[٦] وما كان منهم إلا أنهم أبَوا وكذّبوا، ووصفوا دعوته بالضلال، فقال تعالى على لسانهم: (إِنّا لَنَراكَ في ضَلالٍ مُبينٍ).[٧]
  • ولم يستجيبوا لدعوتِه ولا لحُسنِ أسالِيِبه؛ بل استمرّوا على كفرِهم وشركِهم، حتّى مكثَ فيهم ألفَ سنةً إلّا خمسينَ عاماً يدعُوهم لعبادةِ ربّ العالمينَ، وجاءَه الخبرُ من الله سبحانه بأن قومَه لن يؤمنوا إلا من قد آمنَ منهم؛ وأمره سبحانه ببناءِ السّفينة، وأن يحمل فيها من آمن معه من قومه، ومن كلّ زوجين اثنين من الدواب والكائنات، وأهلكَ الله سبحانه وتعالى قومَه بالطّوفان؛ ونجا نوح عليه السلام ومن معه، حيث قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ).[٨]


أهم ما تميز به نوح في دعوة قومه

فيما يأتي بيان أهم ما اتسمّ به نوح عليه السلام من صفات، وهو يدعو قومه:[٣]

  • التّحلّي بالصّبر: قد بدا هذا واضحاً من شخصيّة نوحٍ عليه السّلام في شتّى مواطن قصّته.
  • التّحلّي بالحِكمةِ والرأي السّديد: نوحٌ عليه السّلام كان عاقلاً حكيماً في تعامُله مع قومِه، ولم يضجر أو يملّ من سفههم وطيشِهم واستهزائِهم، بل عاملَهم بحكمة وعقل.
  • التّحلّي بالشّجاعة والقُوّة: نوحٌ عليه السّلام كان شجاعاً قوياً في مجابهةِ قومِه، ولم يتوانَ عن دعوتِهم ولو للحظةٍ، بل مع معاناتِه معهم كافحَ وأقدمَ على دعوتِهم بكافّة الأساليب الحسنة.
  • التّحلّي بالعِفة والعفاف: لم يتلقّ نوحٌ عليه السّلام جرّاء دعوتِه لله تعالى مالاً ولا أجراً من أحد، ولم يطمح لهذا الكسب الدنيويّ، ولم يسألْ أحداً مالاً مقابلَ دعوتِه، بل إنّ أجرَه على الله تعالى وحدَه.
  • التّحلّي بالأخلاقِ الحميدةِ، وخاصّة التّقوى، وعدمِ الاعتداد بالجاهِ والمال والنّسب: نوحٌ عليه السّلام كان عبداً صالحاً لله سبحانه، ولم يطمح لجاهٍ أو مالٍ أو نسبٍ رفيع، بل منزلتُه عند الله عزّ وجلّ وحدَه.


المراجع

  1. سورة نوح، آية:1-4
  2. محمد بن إبراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء الكتاب والسّنة، صفحة 77. بتصرّف.
  3. ^ أ ب إسلام ويب (23/9/2016)، "قصة نوح عليه السلام في القرآن"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 30/9/2021. بتصرّف.
  4. أبو إيهاب (6/4/2015)، "قصة نوح عليه السلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 30/9/2021. بتصرّف.
  5. جامعة المدينة العالمية، التفسير الموضوعي 2 جامعة المدينة، صفحة 361-362. بتصرّف.
  6. سورة الشعراء، آية:109
  7. سورة هود، آية:60
  8. سورة العنكبوت، آية:14