صيام النافلة

إن صيام النوافل ما هو إلّا زيادةٌ في الإيمان والطاعات، وتكفيرٌ للمعاصي والسّيئات، وقد جاء الصيام على حالين؛ حالِ كونِه فرضاً وهو ما أمر الله تعالى بصيامِه وهو شهرُ رمضانَ المبارك، وحال كونه نفلاً، وهو ما رغب الله تعالى ورغب رسوله الكريم بصيامه، وتتعدّد قوافل صيام النوافل؛ فمنها الأيّام البيض، والست من شهر شوّال، ويوما الاثنين والخميس وغيرها، وهذه النوافل هي سنةٌ واردةٌ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، تجلبُ الخير الكثير للإنسان كلّما تقرّب بها المسلم إلى ربّه -عزّ وجلّ- حتّى تصبح من الأسباب التي تُكسِب العبدَ محبّة ربّه سبحانه وتعالى.[١]


صيام الإثنين والخميس

اتفق الفقهاء على سُنّية صيام يومي الاثنين والخميس؛ إذ في صومهما من الاستحباب الذي حثّ عليه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث كان عليه الصلاة والسلام يتحرّى ويتقصد صيامهما في كل أسبوع، حيث جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: (إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ يتحرَّى صيامَ الاثنينِ والخميسِ)،[٢] وفيما يأتي بيان فضائل وأهمية صيام الاثنين والخميس:[٣][٤][٥]

  • إن الأعمال كلها يتم عرضها في يومي الاثنين والخميس كل أسبوع؛ فقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُعرَضُ الأعمالُ يومَ الاثنينِ والخميسِ فأحبُّ أن يُعرَضَ عملي وأنا صائمٌ)،[٦] فيستحب صيام الاثنين والخميس، حتى ترفع أعمال العبد وتعرض عند الله تعالى، وتكون حال العبد في طاعة.
  • إن المداومة على صيام يومي الاثنين والخميس، والمحافظة على ذلك كل أسبوع، من باب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به، واتباع سنته.
  • إن ولادة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كانت يوم الاثنين، وذلك ثابتٌ عنه -صلّى الله عليه وسلّم- فقد جاءَ سؤاله عن صيامه ليوم الاثنين فقال: (ذاكَ يومٌ وُلِدتُ فيه، وبُعِثتُ فيه، أو أُنزِلَ عليّ فيهِ)[٧]، وهذا يُبيّن أهميّة وفضل صيام هذا اليوم على وجه التّحديد، شكراً لله عزّ وجلّ وحمداً على جميل عطائه وإحسانه وفضله بأن منّ علينا ببعث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وبرسالةِ التوحيدِ، فمن شُكرِه أن نغتنمَ هذا اليومَ العظيم بالصّيام.
  • في يومي الاثنين والخميس يفتح الله تعالى أبواب الجنة الثمانية لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات والعفو عن العبد، فاستحب صيامهما، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّةِ يَومَ الإثْنَيْنِ، ويَومَ الخَمِيسِ، فيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا).[٨]
  • إنّ الصيام كلّه فرضاً ونفلاً لله تعالى، وهو سبحانه يُكافِئ عليه ويجزِي به وحدَه لا أحدَ سِواهُ؛ ففي الحديث القُدسيّ، قال ربّ العِزّة: (كلّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصّوم؛ فإنّه لي وأنا أجزِي به)[٩]


الحكمةُ من صِيامِ النّوافل

إنّ صيام النوافل فيه فائدةٌ عظيمةٌ على العبد المسلمِ؛ إذ يُحصّل الأجر الواسع من ربّه جلّ وعلا، وفيه الجبر لما يحصل من أيّ خلل أو نقصٍ في صيام الفرض، وإنّ أعظم ثمرةٍ تتأتّى من الصيام فرضاً كان أو نفلاً هي التّقوى، والصيام يحفظ الجوارح من الوقوع في المعاصي خاصة النّافلة إذ هي على مدار العام كصيام الاثنين والخميس من كلّ أسبوعٍ؛ كما يُقرّب العبد من ربّه تعالى فيصلَ به مرتبةَ محبّته سبحانه وتعالى، حيث جاء في الحديث القدسيّ العظيم، قال ربّ العِزّة: (وما يزالُ عبدِي يتقرّبُ إليّ بالنّوافل حتّى أُحِبّه).[١٠][١١]


المراجع

  1. أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 2-1. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2359، صحيح.
  3. أحمد حطيبة، شرح الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 7. بتصرّف.
  4. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 22. بتصرّف.
  5. محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصيام، صفحة 159. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:747، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2565، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5927، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6502، صحيح.
  11. التويجري محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 188. بتصرّف.