حكم صيام يوم العيد

لا يجوز صيام يومي عيد الفطر وعيد الأضحى، فقد أجمع أهل العلم على تحريم صيام يومي العيدين، سواءً كان هذا الصيام فرضاً كقضاء رمضان والنّذر أو صيام تطوّع، ومَن فعل ذلك، فصام في يوم العيد قضاءً أو نفلاً أو نذراً لم ينعقد صيامه، ولا يُجزئه ذلك، ومن الأدلّة على تحريم صيام يوميّ العيدين:[١]

  • قول التابعي أبي عبيد -رحمه الله-: (شَهِدْتُ العِيدَ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَقالَ: هذانِ يَومَانِ نَهَى رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِن صِيَامِكُمْ، واليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فيه مِن نُسُكِكُمْ).[٢]
  • عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (نَهَى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن صَوْمِ يَومِ الفِطْرِ والنَّحْرِ…).[٣]


الحكمة من تحريم صيام يوم العيد

اجتناب المسلم صيام يوميّ عيد الفطر والأضحى هو ابتداءً امتثالٌ لأمر الله -تعالى- ونبيّه -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال -سبحانه-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)،[٤] وقد ذكر أهل العلم عدّة حِكمٍ في تحريم الصيام في العيد، ومنها ما يأتي:[٥]

  • عيد الفطر وعيد الأضحى هما أيام فرحٍ وبهجةٍ وسرورٍ، وتوسُّعٍ بالطيبات والمباحات للمسلمين، فشُرِع فيهما الفِطر وعدم الإمساك عن الطعام والشراب.
  • تمييز شهر الفِطر عن شهر رمضان، وعيد الفطر هو يوم شكر الله -تعالى- على صيام شهر رمضان.
  • التمتّع بأكل الهدي والأضحية في عيد الأضحى سنّة أمر الله -تعالى- بها في قوله: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[٦] والصيام فيه عزوفٌ عن سنّة النبي -عليه الصلاة والسلام-.


حكم صيام أيام التشريق

أيام التشريق هي اليوم الثاني والثالث والرابع من أيام عيد الأضحى؛ أي هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجّة،[٧] وقد اتّفق جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على تحريم صيام أيام التشريق، ويدلّ على ذلك:[٨]

  • قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ).[٩]
  • حديث أبي مرة مولى أم هانئ: (أنَّهُ دخلَ معَ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو علَى أبيهِ عَمرِو بنِ العاصِ، فقرَّبَ إليهِما طعامًا، فقالَ: كُل، فقالَ: إنِّي صائمٌ، فقالَ عمرٌو: كُل، فَهَذِهِ الأيَّامُ الَّتي كانَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- يأمرُنا بإفطارِها، ويَنهانا عن صِيامِها)، "قالَ مالِكٌ: وَهيَ أيَّامُ التَّشريقِ".[١٠]


واستثنى المالكية من التحريم صيام اليوم الرابع من أيام عيد الأضحى، فقالوا بكراهة صيامه،[١١] ولكن فصّل بعض الفقهاء في حكم صيام أيام التشريق للحاج، فأجاز الحنفية والمالكية والحنابلة صيامهما للحاج القارن أو المتمتّع إذا لم يجدا الهدي، فعن أم المؤمنين عائشة وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قالا: (لَمْ يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ)،[١٢] أما الشافعية في القول الجديد فمنعوا ذلك.[١٣]

المراجع

  1. سيد سابق (1977)، فقه السنة (الطبعة 3)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 445، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر، الصفحة أو الرقم:1990، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1991، صحيح.
  4. سورة الحشر، آية:7
  5. عبد الله البسام (2003)، توضيح الأحكام من بلوغ المرام (الطبعة 5)، مكة المكرمة:مكتبة الأسدي، صفحة 544، جزء 3. بتصرّف.
  6. سورة الحج، آية:36
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 445. بتصرّف.
  8. عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن للنشر، صفحة 24، جزء 3. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن نبيشة الخير الهذلي، الصفحة أو الرقم:1141، صحيح.
  10. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي مرة مولى أم هانئ، الصفحة أو الرقم:241، صححه الألباني.
  11. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، لبنان:دار الكتب العلمية، صفحة 504-505، جزء 1. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة وعبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1997، صحيح.
  13. عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:دار الوطن للنشر، صفحة 24-25، جزء 3. بتصرّف.