هل صيام يوم عرفة يكفر الكبائر؟


صيام عرفة يكفّر الصغائر لا الكبائر

بيّن أهل العلم أن صيام يوم عرفة لا يكفّر الكبائر من الذنوب، وإنما التكفير الذي ورد في فضل صيام يوم عرفة يشمل صغائر الذنوب دون كبائرها؛ حيث إن الكبائر يلزمها توبة خاصة لتكفيرها،[١][٢] فقد جاء في صحيح الإمام مسلم بيان فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج؛ وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة؛ أن صيامه يكفّر ذنوب سنتيْن؛ السابقة والآتية، فجاء في الحديث: (وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).[٣]


ما يُقصد من تكفير ذنوب السنتيْن

قال أهل العلم في شرح هذا الحديث أن صيام يوم عرفة يكفّر الصغائر التي ارتكبها المسلم في السنة الماضية، فإن لم يكن قد ارتكب من صغائر الذنوب وكان قد ارتكب من الكبائر، فإنه يرجى التخفيف منها، فإن لم يكن قد ارتكب من الكبائر؛ فإنه يرجى رفع الدرجات، وزيادة الحسنات. [٤][٥]


وقالوا في شأن تكفير ذنوب السنة الآتية؛ أن الله -تعالى- يحفظ العبد في هذه السنة من الذنوب وارتكابها، ويبعده عن فعلها، ويوفقه ويسدده إلى فعل الخيرات وترك المنكرات، وإن ارتكب شيئاً من الذنوب وفّقه الله -تعالى- للتوبة وسرعة الرجوع إليه، فيكون ذلك بمثابة تكفير الذنوب، وقال بعض أهل العلم بعدم الخوض في تفسير المقصود من التكفير، وترك مدلول نص الحديث على عمومه، حيث يكون تأثيره ووقعه على قلب المؤمن أشدّ وأكثر.[٤][٥]


ما يدلّ على أن صيام عرفة مكفّر للصغائر

استدل أهل العلم على أن صيام يوم عرفة خاصٌ بتكفير ومغفرة صغائر الذنوب دون كبائرها ما جاء في الحديث الصحيح من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ)،[٦] فقالوا أن الصلوات المفروضة أعظم الأعمال، وصيام رمضان أعظم من صيام عرفة، وأداؤهما مكفّرات لصغائر الذنوب والآثام دون الكبائر، فمن باب أولى أن غيرها لا يكفّر الكبائر، كصيام يوم عرفة وغيره.[٧][٢]


فضل يوم عرفة

عظّم الله -تعالى- يوم عرفة وفضّله على باقي الأيام؛ فهو أحد أيام العشر من ذي الحجة التي أقسم الله بها في كتابه، وميّزها بفضلها وقدرها؛ إذ هو يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار، وإجابة الدعوات، ونزول الخيرات، وهو يوم يباهي الله به أهل السماء بأهل عرفة، فجاء في الحديث الصحيح: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[٨][٩]


وهو اليوم المشهود الذي أقسم الله به، فقال: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)،[١٠] وجاء في الحديث الصحيح: (اليومُ الموعودُ يومُ القيامةِ ، واليومُ المشهودُ يومُ عرفةَ)،[١١] وفيه أتم الله به النعمة وأكمل الدين والشريعة، فجاء في حديث عمر -ضي الله عنه-: "أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ".[١٢][٩]



المراجع

  1. "صوم عرفة وعاشوراء هل يكفر الكبائر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2022. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن عثيمين، فتاوى نور على الدرب للعثيمين، صفحة 2. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
  4. ^ أ ب عطية سالم، شرح بلوغ المرام لعطية سالم، صفحة 3. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2022. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:233، صحيح.
  7. "صيام عاشوراء لا يكفر إلا صغائر الذنوب ، وليس للكبائر إلا التوبة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2022. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1348، صحيح.
  9. ^ أ ب "فضائل يوم عرفة"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2022. بتصرّف.
  10. سورة الفجر، آية:3
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8201، صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:45، صحيح.