من هم الغارمين؟

الغارمون هم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، ويقدّر لهم نصيب من الزكاة المفروضة التي أمر الله تعالى بها على وجه الإلزام، وقد ذكرهم الله تعالى من بين الأصناف الثمانية الذين يصدق عليهم بأنهم "الأصناف المستحقة للزكاة"، في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ)،[١] فالغرم هو الدَّينُ، والغارمُ هو الذي عليه دَينٌ أو ديون، وحان وقت سداده، ولا يستطيع أداؤه، وقيل: الغُرمُ مِن الخسران، وكأنَّ الغارِمَ هو الذي خسِرَ مالَه،[٢] وفي هذه الحال نجد أنهم استدانوا لأنفسهم، أو للإصلاح بين الناس،[٣] فهم تحملوا هذا الغرم لأجل مقصد عظيم، وهدف نبيل.


أنواع الغارمين

يختلف الغارمون باختلاف أحوالهم ومقاصدهم؛ وبناءً على ذلك فهم يقسّمون إلى نوعين اثنين، بيانهما كما يأتي:[٤][٥][٦]


الغارم لمصلحة غيره

وهو الذي يستدين ويتحمّل الدين من أجل إصلاح ذات البين؛ كأن يُصلح بين قبيلتين أو طائفتين متخاصمتين، أو يصلح بين أطراف متقاطعة، بينهم رابط الرحم والقرابة، ليحقق الصلة فيما بينهم، أو من أجل حقن دماء المسلمين، أو أن يوقف فتنة، أو يتحمّل الدية في ذمته، كل ذلك من أجل الإصلاح، فهذا يعطى من الزكاة سواء كان غنياً أو فقيراً، مقابل العمل الجليل الذي قام به، لِما فيه من المصلحة العامة، ولتسديد دينه، والغارم في هذا النوع، يكون على ثلاثة أحوال:

  • يتحمَّل المال في ذمّته للإصلاح، حيث يضع على نفسه هذا المال.
  • يقترض المال ويستدينه من غيره، ويدفعه من أجل الإصلاح.
  • يدفع من ماله الخاص، بنية الأخذ من الزكاة بدلاً من ذلك.


الغارم لمصلحة نفسه

وهو الذي يستدين المال من أجل نفسه في أمر مباح، لدفعه في حاجة له، أو لجلب شيء يحتاجه، كالزواج، والدراسة، والعلاج، ونحو ذلك، وليس عنده مال كافٍ لسدّ دينه، وعجز عن الوفاء به، فهذا يعطى من مال الزكاة، لكن إن غرم من أجل فعل محرّم واستدان لأجل معصية، فلا يجوز إعطاؤه من مال الزكاة، قبل أن يتوب إلى الله تعالى؛ لأن في ذلك إعانة له على فعل المعصية، وقيل لا يُعطى مطلقاً؛ وذلك لأنه لا يُجزَم أنه لن يرجع إلى معصيته، لوثوقه من أن دينه سوف يقضى.


ومما يدلّ في السنة النبوية على جواز إعطاء الغارم بنوعيْه من مال الزكاة، ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث الصحابي قبيصة رضي لله عنه، أنه قال: (تَحَمَّلْتُ حَمالَةً، فأتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أسْأَلُهُ فيها، فقالَ: أقِمْ حتَّى تَأْتِيَنا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لكَ بها)،[٧] ويقصد بقوله تحمّلت حمالة: أي تكفّلت ديناً، ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن نصيب الغارمين من أموال الزكاة، يكون بإعطائهم قدر حاجتهم في قضاء ما عليهم من الديون، سواء كان غارماً لأجل غيره، أو لأجل نفسه.


المراجع

  1. سورة التوبة، آية:60
  2. الموسوعة الفقهية، "تعريفُ الغارِم"، الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 17/11/2021. بتصرّف.
  3. سعيد القحطاني، مصارف الزكاة في الإسلام، صفحة 39. بتصرّف.
  4. سعيد القحطاني، مصارف الزكاة في الإسلام، صفحة 39-40. بتصرّف.
  5. الإمام بن باز، "الغارمون والمؤلفة قلوبهم"، الإمام بن باز، اطّلع عليه بتاريخ 20/11/2021. بتصرّف.
  6. "مصارف الزكاة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن قبيصة بن مخارق، الصفحة أو الرقم:1044، صحيح.