يقصد بخاتم النبيين أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والمرسلين جميعاً، فلا نبي بعده، فكلمة خاتم، سواء كانت بفتح التاء أو بكسرها، فإن مقصودها وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ختم النبيين وجاء آخرهم، حيث قال الله تعالى:(مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)،[١] وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مَثَلِي ومَثَلَ الأنْبِياءِ مِن قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فأحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ، إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ به، ويَعْجَبُونَ له، ويقولونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هذِه اللَّبِنَةُ؟ قالَ: فأنا اللَّبِنَةُ، وأنا خاتِمُ النَّبيِّينَ)،[٢] وقد أجمع أهل العلم على أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء جميعاً، وأنّه ليس هناك نبي سيأتي بعده، وأنه لا نزول للوحي بعده، وأنّ رسالته هي آخر الرسالات، وهي عامة وشاملة لجميع الناس، فقال تعالى: (قُل يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّي رَسولُ اللَّـهِ إِلَيكُم جَميعًا)،[٣] وأنها جاءت مكمّلة ومتممة لهذا الدين، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٤] [٥][٦] وأن معجزته القرآن الكريم خالدة وباقية إلى يوم الدين، وهذا كله من الخصائص التي اختُصّ بها الرسول صلى الله عليه وسلم، دون غيره من الأنبياء.


خصائص النبي محمد خاتم الأنبياء

للنبي محمد صلى الله عليه وسلم الكثير من الخصائص التي تميّز بها عن غيره من الأنبياء، وفي ما يأتي بيان بعض منها:[٧]


مغفرة ذنوبه

فإن الله عزّ وجل قد أخبر نبيه محمد صلى الله عليه بمغفرة ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر، ولم يرد في النصوص الصحيحة أنه أخبر غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حيث جاء في الآية الكريمة مخاطبة الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا* لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا).[٨]


صاحب الشفاعة الكبرى

ففي يوم القيامة، عندما تكون جميع الخلائق في أرض المحشر واقفة تنتظر بدء الحساب، ومع طول المدة واشتداد حرارة الشمس وقربها من رؤوسهم، يذهبون إلى الأنبياء ليشفعون لهم عند الله تعالى لتعجيل بدء الحساب، فيذهبون إلى آدم ونوح وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام، وغيرهم، فيردّوهم، حتى يأتوا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع لهم عند الله عزّ وجل، ويتوسل إليه بتعجيل الحساب وبدئه، فيأذن الله تعالى بذلك، فيكون أول شافع ومشفع يشفع للناس يوم القيامة، وهذا هو المقام المحمود الذي وعده الله به، فقال في كتابه: (عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحمودًا).[٩]


إمام الأنبياء وخطيبهم

فالنبي صلى الله عليه وسلم هو دائماً إلى يوم الدين الإمام الأعظم، المقدم على جميع الأنبياء والرسل، الذي يجب طاعته واتباعه، ولذلك أكرمه الله تعالى بأن يكون إماماً لجميع الأنبياء والمرسلين وخطيبهم في بيت المقدس، عندما حدثت ليلة الإسراء والمعراج، وكذلك يوم القيامة يكون إمامهم وخطيبهم وصاحب شفاعتهم، حيث قال عليه الصلاة والسلام في حديثه: (إذا كان يومُ القيامةِ كنتُ إمامَ النبيِّينَ وخطيبُهم وصاحبُ شفاعتِهم غيرُ فخرٍ).[١٠]


قسم الله تعالى بحياته

فقد أقسم الله تعالى في كتابه بعمر وحياة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث إنه لم يقسم بأحدٍ غيره من البشر، حتى أنبياءه ورسله، فقال: (لَعَمرُكَ إِنَّهُم لَفي سَكرَتِهِم يَعمَهونَ)،[١١] وهذا مما يدل على مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه العالي عند الله تعالى، وشرف حياته وعزته وأهميتها عنده سبحانه.


المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:40
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:3535.
  3. سورة الأعراف ، آية:158
  4. سورة المائدة، آية:3
  5. مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 255. بتصرّف.
  6. "ختم النبوة في القرآن الكريم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 1/9/2021. بتصرّف.
  7. "ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء في الدنيا "، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 29/9/2021. بتصرّف.
  8. سورة الفتح، آية:1-2
  9. سورة الإسراء، آية:79
  10. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:3500، حسن.
  11. سورة الحجر، آية:72