صيام النوافل

النوافل جمعٌ والمفرد منها نافلةٌ ويُراد بها التطوّع؛ أي ما يتبرّع المسلم بأدائه من نفسه دون إلزامٍ أو فرضٍ،[١] وصيام النوافل أو صيام التطوّع هو الامتناع عن الطعام والشراب وغيرهما من المُفطرات من الأذان الثاني للفجر إلى أذان المغرب تعبّداً لله -تعالى- وتقرّباً منه تطوعاً واختياراً.[٢]


حكم صيام النوافل

يُستحبّ من المسلم التقرّب من ربّه بصيام النوافل والتطوّع، استدلالاً بالعديد من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، منها: ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)،[٣] وتُستثنى من ذلك الأيام التي يُحرّم صيامها؛[٤] وهي: اليوم الثلاثون من شهر شعبان، ويومي عيد الفطر والأضحى، وأيّام التشريق؛ أي الحادي والثاني والثالث عشر من ذي الحجّة إلّا الحاجّ الذي لم يقدر على ذبح الهَدْي؛ فلا يُحرّم صيامها في حقّه.[٥]


أيام صيام النوافل وأمثلةٌ عليها

حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ورغّب بصيام بعض أيام السَّنة يُذكر منها:[٦]

  • صيام ستة أيامٍ من شهر شوّال، وهو الشهر الذي يتبع شهر رمضان، فقد ثبت في الصحيح عن أبي أيوب الأنصاريّ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ).[٧]
  • صيام الأيام التسع الأولى من شهر ذي الحِجّة لغير الحاجّ ويُخصّ منها صيام يوم عرفة وهو اليوم التاسع، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).[٨]
  • الصيام في شهر مُحرّم؛ وهو الشهر الأول من السنة الهجريّة، ويُتأكّد منه صيام يوم عاشوراء؛ أي العاشر منه، والأفضل صيام التاسع والعاشر والحادي عشر، والدليل على ما سبق ما ثبت في صحيح مسلم عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ).[٩]
  • الصيام في شهر شعبان والإكثار منه، استدلالاً بما ثبت في صحيح البخاري عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ).[١٠]
  • صيام يومي الاثنين والخميس، فقد أجاب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مَن سأله عن صيامهما: (تُعرَضُ الأعمالُ يومَ الاثنينِ والخميسِ فأحبُّ أن يُعرَضَ عملي وأنا صائمٌ).[١١]
  • صيام ثلاثة أيامٍ من كلّ شهرٍ، فقد ورد عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-: (أمرنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نصومَ منَ الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامِ البيضِ ثلاثَ عشرةَ وأربعَ عشرةَ وخمسَ عشرة).[١٢]
  • صيام يومٍ وإفطار يومٍ، وهو صيام نبيّ الله داوود -عليه السلام-، فقد ثبت في صحيح البخاريّ عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كانَ يَصُومُ يَوْمًا ويُفْطِرُ يَوْمًا، وأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ).[١٣]


فضل وحكمة صيام النوافل

تترتّب العديد من الفضائل والحِكم على صيام النوافل، يُذكر أنّه:[١٤]

  • يُتمّ ويُكمل صيام الفريضة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (أوَّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمها كُتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها قال الله -عز وجل- لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكمِّلون بها فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك).[١٥]
  • سببٌ للوقاية من دخول النار، قال -عليه السلام-: (الصِّيام جنة من النَّار كجنة أحدكم من القتال)،[١٦] وللوقاية أيضاً من الوقوع في المحرّمات، قال -عليه السلام- أيضاً: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[١٧]
  • سببٌ من أسباب دخول الجنّة من باب الرّيان، قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ).[١٨]
  • سببٌ لتكفير الذنوب والسيئات، فقد ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه السلام-: (فتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ ومالِهِ ووَلَدِهِ وجارِهِ، تُكَفِّرُها الصَّلاةُ والصَّوْمُ والصَّدَقَةُ، والأمْرُ والنَّهْيُ).[١٩]


المراجع

  1. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 342. بتصرّف.
  2. محمد صالح المنجد (29/4/2002)، "الأيام التي يشرع فيها صيام النافلة"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/4/2021. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2840، صحيح.
  4. د. محمد رفيق مؤمن الشوبكي (19/7/2015)، "الصيام المستحب (صيام التطوع)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/4/2021.
  5. عبد العزيز بن باز (2014/7/28)، "الأيام التي يحرم فيها الصوم"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 27/4/2021. بتصرّف.
  6. سيد سابق، فقه السنة، صفحة 454-449.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1164، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1163، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم:1969، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:747، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2422، صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:3420، صحيح.
  14. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 346-342. بتصرّف.
  15. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:540، صحيح لغيره.
  16. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم:1336، صحيح.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1400، صحيح.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1897، صحيح.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جرير بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:525، صحيح.