ورد هذا الحديث في صحيح الإمام مسلم، في كتاب الإيمان، في باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان،[١] مروياً عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- باللفظ الآتي: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ[٢] وقد أورد الإمام النووي هذا الحديث في كتابه المشهور الأربعين النووية، وهو الحديث الرابع والثلاثون.[٣]


شرح حديث وذلك أضعف الإيمان

شرح مفردات الحديث

فيما يأتي بيان ألفاظ الحديث:[٤]

  • رأى: شَاهَدَ أو عَلِمَ.
  • منكم: أي من المسلمين المكلفين.
  • منكراً: أي شيئاً مخالفاً للشرع، سواء كان قولاً أو فعلاً، كبيراً أو صغيراً.
  • فليغيره: أي فليقم بإزالته.
  • بيده: إذا كان مما يُزال باليد ككسر إناء الخمر.
  • فإن لم يستطع: أي لم يقدر على تغيير المنكر، خوفاً على نفسه لأن فاعل المنكر أقوى منه، أو خوفاً من حدوث فتنة أعظم من المنكر نفسه.
  • فبلسانه: أي بالكلام كالنصيحة والتذكير، أو الزجر والتوبيخ.
  • فبقلبه: أي ينكر المنكر بكراهيته في قلبه، وينوي تغييره باليد واللسان لو كان قادراً على ذلك.
  • أضعف الإيمان: أي أدناه منزلة وأقله ثمرة.


سبب ورود الحديث

ذكر الإمام مسلم سبب ورود هذا الحديث في روايته عن طارق بن شهاب قال: (أَوَّلُ مَن بَدَأَ بالخُطْبَةِ يَومَ العِيدِ قَبْلَ الصَّلاةِ مَرْوانُ. فَقامَ إلَيْهِ رَجُلٌ، فقالَ: الصَّلاةُ قَبْلَ الخُطْبَةِ، فقالَ: قدْ تُرِكَ ما هُنالِكَ، فقالَ أبو سَعِيدٍ: أمَّا هذا فقَدْ قَضَى ما عليه سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ[٢] فقد كان مروان بن الحكم والياً على المدينة، وقام بتقديم خطبة العيد على الصلاة، فقام إليه رجل من الحاضرين مُنكِراً لفعلته، وذَكَّرَهُ بأن الصلاة يجب أن تُقَام قبل الخطبة يوم العيد، فرد عليه مروان بأنه فعل ذلك لكيلا يترك الناس الاستماع إلى الخطبة بعد الصلاة لاستعجالهم، فقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- لمن حوله بأن هذا الرجل قد أدى ما عليه من واجب النهي عن المنكر، ثم روى ما سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الحديث.[٥]


المعنى العام للحديث

لقد جعل الله -تعالى- الأمة الإسلامية خير الأمم وأفضلها لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وهذا ما يميزها عن غيرها من الأمم، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم مكلف قادر على ذلك، ولإنكار المنكر مراتب ينبغي مراعاتها، وهي ثلاثة مراتب: التغيير باليد، والتغيير باللسان، والتغيير بالقلب، وهذه المراتب الثلاثة متعلقة بطبيعة المُنكَر ونوعه، وطبيعة الشخص المُنكِر وموقعه، فإذا استطاع المسلم أن يغير المنكَر بيده وجب عليه فعل ذلك، وإن لم يستطع التغيير بيده واستطاع بلسانه وجب عليه ذلك، وإن لم يستطع بيده ولسانه فالواجب عليه أن يغيّر بقلبه، أي أن ينكر المنكر بقلبه، وهذا أدنى مرتبة في الإيمان.[٦]


فوائد الحديث

يشتمل هذا الحديث على عدة فوائد، منها:[٧]

  • يجب على كل مسلم تغيير المنكر وِفق المستويات الثلاثة المذكورة في الحديث.
  • الإسلام دين يسر وحكمة، ولا يكلف المسلم فوق طاقته، فتغيير المنكر يكون حسب الاستطاعة.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات المؤمنين وهو واجب على كل مسلم.
  • الإيمان مراتب فهناك إيمان قوي وهناك إيمان ضعيف فهو يزيد وينقص.
  • صلاة العيد تكون قبل الخطبة وليس بعدها.


المراجع

  1. مسلم، صحيح مسلم، صفحة 69. بتصرّف.
  2. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:49، حديث صحيح.
  3. النووي، الأربعون النووية، صفحة 100. بتصرّف.
  4. إسماعيل الأنصاري، التحفة الربانية، صفحة 77. بتصرّف.
  5. الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/10/2021. بتصرّف.
  6. إسلام ويب (19/12/2006)، "حديث : من رأى منكم منكرا فليغيره"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/10/2021. بتصرّف.
  7. عبدالعال الشليه (30/7/2016)، "شرح حديث: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/10/2021. بتصرّف.