كيفية التشهد الصحيح في الصلاة

التّشهد الأوّل والأخير في الصلاة يشرع بهما المسلم بعد إتمام السّجدة الثانية من الرّكعة التي تسبق جلسة التّشهد، وقد تعدّدت صيغ التّشهد الصحيحة في الصلاة، وأصحّ ما جاء فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث روايات، وهي: رواية عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، ورواية عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، ورواية أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-.[١]


التّشهد بالصيغة التي رواها عبد الله بن مسعود

(كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَنَقُولُ: السَّلَامُ علَى اللَّهِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ هو السَّلَامُ، ولَكِنْ قُولوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).[٢]


التّشهد بالصيغة التي رواها عبد الله بن عباس

(كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كما يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ فَكانَ يقولُ: التَّحِيَّاتُ المُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ).[٣]


التّشهد بالصيغة التي رواها أبو موسى الأشعري

(... وإذَا كانَ عِنْدَ القَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِن أوَّلِ قَوْلِ أحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).[٤]


التّشهد بالصيغة التي رواها عمر بن الخطاب

عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنَّه سَمِعَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يُعَلِّمُ النَّاسَ التَّشَهُّدَ على المِنبَرِ، فيَقولُ: (قُولوا: التَّحِيَّاتُ للهِ، الزَّاكِياتُ للهِ، الطَّيِّباتُ للهِ، السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ، ورَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُه، السَّلامُ علينا وعلى عِبادِ اللهِ الصَّالِحين، أشهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه).[٥]


أيّ صيغ التشهد في الصلاة أفضل؟

أهل العلم متّفقون على جواز التّشهد بأيّ صيغة صحّت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، واختيار صيغة واحدة منها كافٍ ومُجزءٌ، والتّفضيل عند أهل العلم بين هذه ألفاظ صيغ التّشهد مع ثبوتها كلّها ليس قائماً على تفضيل ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعضها على بعض، والمرجّح في تفضيل بعضها على بعض عند أهل العلم جاء استحساناً ولاعتبارات سيأتي بيانها.[٦]


ولعلّ الأكمل والأفضل للمصلّي أنْ يأتي بالصّيغ جميعها، بحيث يقرأ هذه الصّيغة مرة، ثم بالصيغة الأخرى مرة أخرى، وهكذا، وبهذا يكون قد أتى بجميع الصيغ الثابتة في التّشهد، ولم يُغفِل أيّاً منها، وإنْ وجد في ذلك مشقّة فلا حرج في أنْ يقتصر على ما حفظه واعتاده منها.[٧]


وعند التّحقيق نجد أنّ أصحاب المذاهب الأربعة قد تعدّدتْ آراؤهم في اختيار صيغة التّشهد الأفضل، وإجمال ذلك فيما يأتي:[٦]

  • القول الأول

ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنّ أفضل صيغ التّشهد، هو التّشهد الذي علّمه رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-، ووجه تفصيلهم لهذه الرواية أنّ رواية ابن مسعود في ألفاظها زيادة واو العطف، وهذا يُوجب تعدّد الثناء؛ حيث إنّ المعطوف غير المعطوف عليه.[٨]


فضلاً عن كون هذه الرّواية أصح ما جاء في هذا الباب، حيث رُوي: أنّ حماداً أخذ بيد أبي حنيفة وعلّمه التّشهد، وقال له: أخذ إبراهيم النخعي بيدي وعلّمني، وأخذ علقمة بيد إبراهيم وعلمه، وأخذ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- بيد علقمة وعلمه، وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيد عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وعلمه التّشهد إلى آخره.[٨]


  • القول الثاني

ذهب المالكية إلى تفضيل الصيغة التي علّمها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للنّاس على المنبر، واستندوا إلى أنّه صار بذلك كالإجماع وخبر المتواتر؛ بمعنى أنّ عمر -رضي الله عنه- حدّث به على المنبر بحضرة جماعة من الصحابة الكرام، ولم ينكره عليه أحد في ذلك، ولا خالفه فيه، ولم يعترض أحد منهم بأنّ غيره أوْلى منه.


ومع ذلك يبقى هذا التّفضيل من المالكية على وجه الاستحسان؛ فليس في تعليم عمر الناس هذه الصيغة منع لغيرها.


  • القول الثالث:

ذهب الشافعية إلى تفضيل رواية ابن عباس -رضي الله عنهما-، ووجه هذا التّفضيل يذكره الإمام الشافعي؛ فيقول: "كيف صرت إلى اختيار حديث بن عباس عن النبي في التشهد دون غيره؟ قلت: لما رأيته واسعاً، وسمعته عن ابن عباس صحيحاً كان عندي أجمع وأكثر لفظاً من غيره؛ فأخذت به، غير معنف لمن أخذ بغيره؛ ممّا ثبت عن رسول الله".[٩]

المراجع

  1. فريق الموقع، "صيغ التشهد في الصلاة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 6/5/2023. بتصرّف.
  2. رواه عبد الله بن مسعود، في البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:7381 ، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:403 ، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:404 ، صحيح.
  5. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، الصفحة أو الرقم:995 ، سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  6. ^ أ ب دبيان الدبيان (1441)، الجامع في أحكام صفة الصلاة (الطبعة 1)، صفحة 506-510، جزء 4. بتصرّف.
  7. فريق الموقع (6/3/2007)، "صيغ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/5/2023. بتصرّف.
  8. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دارالسلاسل، صفحة 35-36، جزء 12. بتصرّف.
  9. الشافعي (1938)، الرسالة (الطبعة 1)، مصر:مصطفى البابي الحلبي وأولاد، صفحة 276.