فضل صلاة الجنازة

يعود فضل جنازة على المُصلّي والمتوفى -المصلّى عليه-، وهذا من عظيم كرم الله -تعالى- ورحمته، ونتناول في هذا المقال الأمر من جانبيه.

فضل صلاة الجنازة العائد على المُصلي

اتّباع الجنازة والصلاة على صاحبها له فضلٌ عظيم، وقد بيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمّته ترغيباً به؛ ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، وكانَ معهُ حتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ويَفْرُغَ مِن دَفْنِهَا، فإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، ومَن صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فإنَّه يَرْجِعُ بقِيرَاطٍ).[١]


ويكشف الحديث عن أمور ينبغي الوقوف عندها، ومنها ما يأتي:[٢]

  • الصلاة على الميت واتّباع جنازته من حُسن إكرام المسلم بعد وفاته، ومظهر من مظاهر المواساة وجبر الخاطر لأهله وأقاربه.
  • الأجر المتحصّل للمسلم في تشييع الجنائز يناله من المُشيّع المصدّق بوعد الله المحتسب أجره عند الله؛ أمّا من يفعل ذلك مراءاة ونفاقاً فليس له من الأجر شيء.
  • وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- قيراط الأجر بجبل أحد، وجبل أحد طوله يبلغ 7 كم تقريباً، وعرضه ما بين 2 إلى 4 كم، أمّا ارتفاعه فيبلغ حوالي 350 متراً.
  • حصول القيراطين من الأجر مقيّد باتّباع الجنازة، والصلاة على صاحبها، والمُكث حتى إتمام الدّفن.


وعندما سمع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- هذا الحديث من أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (... لقَدْ فَرَّطْنَا في قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ)،[٣] تأسّفاً منه على ما فاته من الأجر والثواب في الجنائز التي لم يحضرها أو يصلي على صاحبها.


وقد عدّ بعض أهل العلم اتّباع الجنائز من أفضل النّوافل، وفي رواية عن مجاهد -رحمه الله- قوله: "اتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّع"،[٤] ولأجل هذا كلّه يحرص المسلمون على تشييع الجنائز والصلاة على صاحبها.


وإنْ سأل سائل عن سرّ عظمة هذا الأجر؛ فالجواب أنّ مواساة أهل الميّت وجبر خاطرهم في يوم حزنهم له قدْره عند الله -عزّ وجلّ-؛ فضلاً عمّا في تشييع الجنائز من استحضار لحتمية الموت، وما يتبع ذلك من حُسن الإقبال على الله -تعالى-، والزّهد في الدنيا وما فيها من شهوات وملذّات.


فضل صلاة الجنازة العائد على الميت

مقصود الصلاة على الميت هي التّشفّع له والتّرحم عليه والدّعاء له بالنّجاة والقَبول عند لقاء الله -تعالى-،[٥] ومن رحمة الله بعباده أنّه يقبل شفاعتهم ويرحم ميّتهم؛ ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن مَيِّتٍ تُصَلِّي عليه أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ له؛ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ).[٦]


وقد تعدّدت الرّوايات بشأن الشّفاعة للميت من صلاة المسلمين عليه؛ ففي حديث آخر عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما مِن رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ علَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لا يُشْرِكُونَ باللَّهِ شيئًا؛ إلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ)،[٧] وفي باب استحباب تكثير الصفوف جاء عن مالك بن هبيرة -رضي الله عنه- أنّ النبي الكريم قال: (ما من مسلمٍ يموتُ فيُصلِّي عليه ثلاثةُ صفوفٍ من المسلمين إلَّا أوجب).[٨]


وحاصل الأمر أنّ كثرة المصلين نافع للميت -بإذن الله- لما فيه من كثرة الدّعاء له والتّرحم عليه،[٩] وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بإخلاص الدّعاء للميت؛ وذلك لحاجته إلى ذلك؛ ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا صلَّيتُم على الميِّتِ فأخلِصوا لَه الدُّعاءَ).[١٠]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:47، صحيح.
  2. فريق الموقع، "شرح حديث من اتبع جنازة مسلم"، الدرر السنية شروح الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 11/3/2023. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1323 ، صحيح.
  4. الشوكاني (1993)، نيل الأوطار (الطبعة 1)، مصر:دار الحديث، صفحة 66، جزء 4. بتصرّف.
  5. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 195، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:947 ، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:948 ، صحيح.
  8. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن مالك بن هبيرة، الصفحة أو الرقم:3166، إسناد حسن.
  9. ابن باز، "من حديث (كان رسول الله ﷺ يكبر على جنائزنا أربعا..)"، موقع الشيخ ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 11/3/2023. بتصرّف.
  10. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3199، حسن.