العمرة لغة الزيارة، وفي الاصطلاح: زيارة المسلم لبيت الله الحرام وِفق شروط مخصوصة، وتسمّى العمرة بالحجّ الأصغر،[١] وقد دعا الإسلام إلى الاعتمار في أي وقتٍ من السنة سوى أيام الحجّ؛ وذلك لعظيم فضلها الذي ثبت في الأحاديث النبوية الصحيحة ومنها قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا)،[٢] إلّا أنّ العمرة في رمضان قد خصّها الله -تعالى- بفضل لا يكون في غيره من الأشهر؛ وهو أنّ أجرها يعدل أجر الحجّ إلى بيت الله الحرام.[٣]


حكم العمرة في رمضان

تُستحب العمرة في شهر رمضان، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- بأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان قد سأل امرأة من الأنصار عن سبب تخلفها عن الحجّ، فبيّنت له أنّه لم يكن لديهم سوى ناضحين أي بعيرين، فحجّ زوجها وابنها على أحدهما وبقي الآخر للاستفادة منه في سقاية الأرض، فما كان منه -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا أن قال لها: (فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي..).[٤][٥]


فضل العمرة في رمضان

تعدّ العمرة في شهر رمضان أفضل من كونها في غيره من الأشهر؛ وذلك لأنّ الاعتمار فيه يترتّب عليه من الأجر ما يُعادل أجر الحجّ إلى بيت الله الحرام، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً)،[٦] إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ العمرة في رمضان سبب في إسقاط فرض الحجّ أو أنّها تُجزئ عنه، وإنّما القصد أنّ ثواب العمرة يتضاغف ويُزاد لشرف الوقت الذي تمّت فيه وهو شهر رمضان.[٧][٨]


وقت العمرة في رمضان

أشار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى فضل العمرة في شهر رمضان بكونها تعدل أجر الحجّ إلى بيت الله الحرام، لكن دون تحديد وقت معين من الشهر، كأوله أو وسطه أو آخره،[٩] إلّا أنّه قد ورد عن ابن باز -رحمه الله- بأنّ العمرة في العشر الأخيرة من رمضان أفضل من العشر الأولى والثانية، وذلك لكون العشر الأخيرة تعدّ أفضل أيام شهر رمضان، كما وقد وافقه بذلك ابن عثيمين -رحمه الله- وكان سبب قولهم بذلك استناداً إلى أنّ الحسنات من شأنها أن تتضاعف وتزداد كلما فَضُل الزمان أو المكان.[١٠][١١]


هل اعتمر رسول الله في رمضان؟

اعتمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أربع عَُمر، وهي: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة؛ والجعرانة هي منطقة بين الطائف ومكة، حيث أحرم عليه الصلاة والسلام منها، وعمرة الحج؛ حيث جمعها مع حجة الوداع، وقد كانت جميع هذه العُمر في شهر ذي القعدة، حيث كان يهدف رسول الله بتكرار عُمَره في أشهر الحجّ بغية إبطال العقيدة التي كانت سائدة بين العرب بأنّه لا يجوز الاعتمار في أشهر الحجّ وليس ذلك فحسب، بل كانت العمرة عندهم في هذه الأشهر تعدّ من الفجور، أمّا كون عدم اعتمار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في شهر رمضان مع قدرته على ذلك، فهو خشية المشقة على الناس فلو اعتمر -عليه الصلاة والسلام- لاعتمر الناس معه اقتداء به.[١٢]


المراجع

  1. سعيد القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الاسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 10. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773 ، صحيح.
  3. عبد الله القصير (25-10-2011)، "تعريف العمرة وحكمها"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 3-10-2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1256 ، صحيح.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 324. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1863 ، صحيح.
  7. محمد التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي، صفحة 165. بتصرّف.
  8. محمد المناوي، فيض القدير، صفحة 361. بتصرّف.
  9. عبد الرحمن الدوسري (7-8-2012)، "استحباب العمرة في رمضان وفضلها"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 3-10-2021. بتصرّف.
  10. "ما فضل العمرة في رمضان؟ "، طريق الاسلام، 1-12-2006، اطّلع عليه بتاريخ 3-10-2021. بتصرّف.
  11. "أفضل أوقات العمرة"، الامام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 3-10-2021. بتصرّف.
  12. ابن عثيمين، تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة، صفحة 347. بتصرّف.