الذبائح جمع ذبيحة، وتعرف بأنها الحيوان المباح أكله الذي قد تم ذبحه بالطريقة المشروعة بشروط مخصوصة،[١] ويعد الذبح من مناسك الحج الذي يفعله الحاج، وقد سمّاها الله تعالى في كتابه بالهدْي؛ لأنها تهدَى تقرباً إلى الله عز وجل، والهدي في الحج يكون أحد أنواع بهيمة الأنعام وهي: الغنم، والإبل، والبقر، وذبح الهدي في الحج هو من باب الاقتداء والتأسي بالنبي إبراهيم عليه السلام، حيث أطاع الله تعالى وامتثل أمره بذبح ابنه إسماعيل عليه الإسلام، ففداه الله تعالى وأنزل كبشاً عظيماً، وهو من باب شكر الله تعالى أيضاً على نعمه العظيمة بأن منّ الله تعالى عليه بأداء فريضة الحج ومناسكها.[٢]


أنواع الذبائح في الحج

تقسم الذبائح (الهدي) في الحج إلى نوعين، وهما: هدي الواجب وهدي التطوع، وبيانها كالآتي:[٣][٤]


1- هدي التطوع

وهي الذبيحة التي تُذبح للتقرّب إلى الله تعالى، دون أن يكون هناك سبب يلزمه للذبح، وذلك مثل هدي الحاج المفرد، والمعتمر، حيث يستحب ذلك اقتداءً بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنّته، ففي حجة الوداع أهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- مائة من الإبل، فعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: (أَهْدَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِئَةَ بَدَنَةٍ، فأمَرَنِي بلُحُومِهَا، فَقَسَمْتُهَا ثُمَّ أمَرَنِي بجِلَالِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ بجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا).[٥]


2- الهدي الواجب

وهي الذبيحة التي يجب على الحاج ذبحها، وذلك لوجود سبب يلزم ويوجب الذبح، وهو أنواع، وبيانها كما يأتي:

  • الهدي الواجب للشكر: وهو الهدي الذي يجب على الحاج القارن والحاج المتمتع، شكراً لله تعالى وحمداً له أن وفقه لأداء نسكين في سفر واحد، حيث إن القارن والمتمتع يجمعون بين مناسك الحج والعمرة معاً في سفرهم للحج.
  • الهدي الواجب للجبران: وهو الهدي الذي يجب على الحاج الذي ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام، ومحظورات الإحرام هي الأمور الذي يجب على الحاج المحرم اجتنابها، كالصيد، والتطيب، وقص الشعر والأظافر، ولبس المخيط بالنسبة للرجل، وتغطية الوجه والكفين بالنسبة للمرأة، حيث قال تعالى في الصيد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ).[٦]
  • الهدي الواجب للإحصار: الإحصار هو: الحبس، وشرعاً هو منع الحاج من إكمال أداء مناسك الحج أو العمرة، حيث يجب الهدي على الحاج الذي لم يستطع إكمال مناسك حجه، ولقد أُحصر النبي -صلى الله عليه وسلم- في عام الحديبية، فلم يسمح له الكفار بدخول مكة وأداء مناسك العمرة، فتحلل وحلق رأسه وذبح هدياً، فنزل قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)،[٧] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (خَرَجْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعْتَمِرِينَ، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بُدْنَهُ وحَلَقَ رَأْسَهُ).[٨][٩]
  • الهدي الواجب لمن ترك واجباً من واجبات الحج: وهذا الهدي يجب على من ترك واجباً من واجبات الحج، كمن ترك رمي الجمار، أو المبيت في مزدلفة، وغير ذلك من الواجبات.
  • الهدي الواحب للنذر: وهو الهدي الذي يجب على الحاج بسبب نذره بالذبح تقرباً إلى الله تعالى، حيث قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ).[١٠]


المراجع

  1. الدكتور مُصطفى الخِنْ، الدكتور مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي ، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، صفحة 41. بتصرّف.
  2. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 75. بتصرّف.
  3. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 76-77. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 232. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم:1718 .
  6. سورة المائدة، آية:95
  7. سورة البقرة، آية:196
  8. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:1812.
  9. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 91. بتصرّف.
  10. سورة الحج، آية:29