مشروعية صلاة التراويح وحكمها

أجمع العلماء على مشروعية صلاة التراويح في شهر الصيام، وهي سُنَّةٌ مؤكّدة، وقد نقل النووي والصنعاني إجماع أهل العلم على ذلك، وهذا داخلٌ في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[١]


ويدلّ على ذلك مشروعية صلاة التراويح ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صلّى في المسجد في جوف الليل، فصلّى عددٌ من الرجال معه مأمومين، وفي الصباح تحدّث النّاس عن صلاة النبيّ في الليل، فاجتمع عددٌ أكبر في الليلة الثانية في المسجد في نفس الوقت، فصلّى النبي الكريم بهم.[٢]


وظلّ الأمر كذلك حتى الليلة الرابعة، تقول عائشة -رضي الله عنها-: (... فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها).[٣]


عدد ركعات صلاة التراويح

ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يُصلّي القيام إحدى عشرة ركعة، فقد قالت: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا...).[٤]


وقد قال ابن عبد البرّ -رحمه الله-: "وأكثر الآثار على أن صلاته كانت إحدى عشرة ركعة"، وذهب أهل العلم إلى مشروعية الزيادة على ذلك بحسب القدرة، فهذا الحديث لا يعني عدم جواز الزيادة في عدد ركعات صلاة التراويح، لأنّ صلاة القيام عموماً ليست محصورةً في عددٍ محدّد.[٥]


ودلّ على ذلك العديد من النصوص العامة عن صلاة قيام الليل في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقال ابن عبد البرّ: "أجمع العلماء على أنه لا حَدَّ ولا شيءَ مقدرٌ في صلاة الليل،... فمَنْ شاء أطال فيها القيام وقَلَّتْ رَكَعاتُه، ومن شاء أكثرَ الركوعَ والسجودَ".[٥]


وقت صلاة التراويح وكيفيّتها

تُصلّى صلاة التراويح في رمضان بعد صلاة العشاء، وينتهي وقتها بطلوع الفجر، وتُصلّى ركعتين ركعتين؛ أي يفصل المصلي بين كلّ ركعتين بالتسليم، وذهب بعض الفقهاء إلى جواز صلاة كلّ أربع ركعاتٍ بتسليمة، ولكنّ عمل أكثر أهل العلم على التسليم بعد كلّ ركعتين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى).[٦]


ويُسنّ صلاتها جماعةً، وعلى المأموم أن يحرص على أدائها مع الإمام كاملةً حتى ينال أجر قيام ليلةٍ كاملة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّهُ من قام مع الإمامِ حتى ينصرفَ هو، كُتِبَ لهُ قيامُ ليلةٍ)،[٧] وتُشرع الاستراحة فيها بين كلّ أربع ركعات، فقد كان السلف يُطيلون في الصلاة، ثمّ يجلس الإمام والمصلّون بعد أربع ركعات للاستراحة.[٨]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:759، صحيح.
  2. "شرح حديث صلاة النبي قياماً بالناس في الليل"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2023. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:924، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3569، صحيح.
  5. ^ أ ب عبد الرحمن العقل، التباريح في صلاة التراويح، صفحة 22. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:990، صحيح.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:806، حسن صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 144، جزء 27. بتصرّف.