تُسمّى نيَّة الدخول في نُسك الحجّ والعمرة بالإحرام؛ لذا فإنّ الواجب على كلّ قاصدٍ للحجّ أو العمرة أن يُحرم لهما من ميقاتٍ مكانيٍّ معيَّنٍ، وفي زمانٍ معيَّنٍ، ووفق شروطٌ معيَّنةٍ، وسمّي إحرامًا؛ لأنّ نيَّته والدخول به تحرِّم على الحاج أو المعتمر بعض الأمور التي كانت مباحةً له قبله إلى أن يتحلّل منه.[١]

دعاء الإحرام

إنّ الإحرام هو نيَّة الدخول في النسك، والنيَّة محلّها القلب؛ فلا يُشترط على المسلم أن يتلفّظ بها، إلّا أنّه قد ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان عند إحرامه بالعمرة أو الحجّ يقول: (لبيك اللهمّ حجًّا)، أو (لبيك اللهمّ عمرةً)؛ ولعل النطق بالنيّة يبعد المسلم عن السهو،[٢] ودليل ذلك ما رُوي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (قَدِمْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بالحَجِّ، فأمَرَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً).[٣]


وممّا رُوي في الدعاء عند الإحرام للحجّ الاستثناء بقول: (اللَّهمَّ الحَجَّ أرَدتُ، وله عَمَدتُ، فإنْ يَسَّرتَه فهو الحَجُّ، وإنْ حَبَسَني حابِسٌ فهو عُمرةٌ)،[٤] وفي روايةٍ أُخرى: (اللَّهُمَّ، مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي)؛[٥] أي أن يدعو من خرج للحجّ إن منعه مانعٌ من إتمامه؛ فله التحلّل منه في المحلّ الذي عجز عن إتمام النسك فيه، ومن الأدعية التي يدعو بها المحرم: "التلبية"، وهي قول: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ).[٦][٢]


مسائل متعلّقة بالإحرام

شروط الإحرام

إنّ للإحرام شروطًا لا بدّ من توافرها حتّى يصحّ، ومن هذه الشروط:[٧]

  • الإسلام: فالإسلام شرطٌ أساسٌ لصحّة العبادات وقبولها؛ فلا تصحّ العبادة أو النسك من غير المسلم.
  • النيَّة: فيشترط أن ينوي المحرم الإحرام بالحجّ أو العمرة؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[٨]
  • التلبية: وهي شرطٌ للإحرام عند الحنفيَّة، وقولٌ مرجوحٌ عند المالكيّة، أمّا الفقهاء الآخرون فيرون أنّ التلبية سُنَّةٌ وليست شرطًا.
  • المواقيت الزمانية والمكانية: فيشترط في الإحرام للحجّ أن يكون في أشهر الحجّ، وفي العمرة أن تكون في أي وقتٍ من السنة، وكره بعض الفقهاء الإحرام بالعمرة في وقت فيوم عرفة ويوم النحر، أما المواقيت المكانية للحجّ والعمرة؛ فهي الأماكن التي يحرم منها الحاج أو المعتمر، ولا يجوز أن يتجاوزها دون إحرامٍ، وتختلف بحسب البلد التي يأتي منها المحرم، وهي:[٩]
  • ذو الحليفة: وهو ميقات القادمين من المدينة المنورة.
  • الجُحفة: وهو ميقات القادمين من الشام، ومصر، والمغرب.
  • يلملم: وهو ميقات القادمين من تهامة اليمن.
  • قرن: وهو ميقات القادمين من نجد الحجاز ونجد اليمن.
  • ذات عرق: وهو ميقات القادمين من العراق والخليج.
  • ميقات ساكني مكّة من منازلهم حيث يسكنون.


محظورات الإحرام

يحرم على المحرم جملةٌ من المباحات أثناء إحرامه، لا يجوز له فعلها؛ فإن فعلها أثناء إحرامه لزمته الفدية، ومحظورات الإحرام هي:[١٠]

  • لبس المخيط من الثياب وتغطية الرأس للرجال.
  • تغطية الوجه والكفّين للنساء.
  • وضع الطيب أو العطر بعد الإحرام.
  • إزالة أو قصّ شيءٍ من شعر البدن أو الرأس.
  • تقليم أظافر اليدين أو القدمين.
  • الجِماع وعقد النكاح.
  • الصيد أو الإعانة عليه أو الأكل منه.

المراجع

  1. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 248. بتصرّف.
  2. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2182-2183. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1570، حديث صحيح.
  4. رواه النووي، في المجموع، عن عميرة بن زياد، الصفحة أو الرقم:309، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1207، حديث صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1549، حديث صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 130-135. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، حديث صحيح.
  9. مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 129-130. بتصرّف.
  10. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 38-40.