أفضلُ صِيامِ التّطوع

أفضلَ صيامِ التّطوع هو صيامُ نبيّ الله داود عليه السّلام؛ أيْ صيامُ يومٍ، وإفطار يوم، وذلِك لأمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عبد الله بن عمرو بن العاص، أن يصوم يوماً، ويُفطر يوماً؛ حيث قال: (إنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ،... وَكانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا)،[١] وهو أفضلُ من صيامِ الدّهر، إذ الأخير مكروهٌ بالقولِ الرّاجح،[٢] ويُعَرَّفُ صيامُ التّطوع: بأنّه الإمساكُ عن المُفطِراتِ سواءٌ حقيقةً أو حكماً، وذلِك من شخصٍ معيّن في وقتٍ معيّن مع استحضار النيّة للصّيام، تقرباً لله سبحانه وتعالى وطلباً لمرضاتِه وإحسانِه، وذلِك بما هو ليس بفرضٍ من الصّيام،[٣] وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُكثرُ من صيامِ التطوع ويحثُّ عليه.[٤]


مشروعيّة صيامِ التّطوع

جاءت رحمةُ الله سبحانه وتعالى واسعةً وشاملةً لكلّ ما يُغني الإنسان ويضاعِف من رصيد حسناتِه وأجُوره عند ربّه عزّ وجل؛ فجعلَ من جنسِ كلّ فريضةٍ نافلةً، تكون مرمّمة جابرةً لكلّ ما يحصل في تلك الفريضة من خللٍ أو نقصٍ؛ فقد جاءَ شرعُه بالنّوافل بعد الفرائضِ؛ فمثلاً بعد الصّوات الخمس المفروضة هناك السّنن الرواتِب، وبعد صيام رمضانَ هناك صيامُ النّافلة لستّ أيّام من شهر شوّال.. وهكذا، ومن حكمةِ شرعِ الله سبحانه وتعالى لهذه النّوافل؛ أنّها تكون متمّمة للفرائضِ وزائدةً في جبرها، وأنّ الله تعالى جعلَ النّوافل متنوّعة للتسهيلِ على خلقِه، والقيام بأدائِها على أكمل وجه ممكنٍ، وحتّى يغتنِموها ويستغلّوها؛ فمثل هذه الفرص تأتي للعبدِ حتّى يتقرّب إلى مولاه جلّ وعلا، ويزدادَ طاعةً وحُباً، ومن ذلِك ما شرعَه من أنواعِ نوافل الصّيام لأيّام معيّنة كلّ عامّ.[٥]


أنواعُ صيامِ التّطوع

لصيامِ التّطوع أنواعٌ كثيرةٌ، وأمثلةٌ عديدة، نذكُر منها ما يلي:[٥][٢]

  • صيامُ ستّ أيامٍ من شهر شوّال بعد شهرِ رمضان.
  • صيامُ الأيّام التّسع من ذي الحِجّة، وخاصّة يوم عرفة.
  • صيامُ يوم عاشوراء وهو اليوم العاشِر من شهر محرّم، مع مخالفة اليهود فيهِ بصيام يومٍ قبلَه، أو يومٍ بعدَه.
  • صيامُ ثلاثةِ أيّام من كلّ شهرٍ، ويكون ذلك بأحد وجهين إما: بصيامِ الأيّام البِيض؛ وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قَمريٍّ، أو بصيام ثلاثة أيام بلا تعيين، ولكن يُفضل في هذه الحالة أن يتحرى الصيام في أيام الاثنين والخميس، وذلك لما ورد فيها من فضل عظيم.
  • صيام يوم وإفطار يومين من كل شهر، وبذلك يصوم ثلث الشهر، أي عشرة أيام من كل شهر.
  • صيامُ يومٍ وإفطار يومٍ، وكما ذكرنا ممّا سبق، أنّه أفضلُ الصّيام، وهو صيامُ نبيّ الله داود عليه السّلام.


فضلُ صيام التّطوع

إن لصيام التطوع فضلاً عظيماً عند الله -تعالى-، فقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تُبين ذلك الفضل وتُبشر الصائمين به، ومنها:[٦][٧]

  • ما جاءَ عن -النبيّ صلّى الله عليه وسلّم- من تخصيص الله -تعالى- لباب من أبواب الجنة للصائمين، يدخلون منه إلى الجنة، ولا يدخل منه أحدٌ غيرهم، جاء في الحديث: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ معهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ منه، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أَحَدٌ).[٨]
  • ما جاء عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن الله -تعالى- يعصم مِن عذاب النار مَن صام يوماً واحداً خالصاً لوجهه، وُيبعد الصائم عن جهنم مُدَّةَ سبعين عاماً، جاء في الحديث: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا).[٩]
  • ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن الله -تعالى- أنه تكفل بمكافأة الصائم ولم يُحدد له الجزاء، فدل ذلك على خصوصية الصيام وأجره العظيم الذي لا يعلمه إلا الله -عز وجل، جاء في الحديث: يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (الصَّوْمُ لي وأنا أجْزِي به).[١٠]


المراجع

  1. رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم:1159، صحيح.
  2. ^ أ ب "التفضيل بين صيام التطوع"، إسلام ويب، 10/5/2015، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 86. بتصرّف.
  4. الشيخ صلاح نجيب الدق (21/6/2016)، "صيام التطوع"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد الرحمن بن فهد الدوسري (11/8/2013)، "صيام التطوع"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 86-87. بتصرّف.
  7. راشد العبد الكريم، الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية، صفحة 25. بتصرّف.
  8. رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:1152، صحيح.
  9. رواه الإمام البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2840، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7492 ، حديث صحيح.