مفهوم شُعب الإيمان

الإيمان هو التصديق والإقرار الجازم بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وكل ما يتعلق بهم، ممّا نقل إلينا من الأخبار الشرعية الصحيحة، ويقصد بشعب الإيمان؛ أي أن الإيمان ذو خصال متعددة ودرجات متفاوتة، فهو ليس خصلة واحدة، وإنما يتكون من أجزاء متعددة، فيشتمل على أعمال القلوب، كالنيات والمعتقدات، وعلى أعمال اللسان، كالتلفظ بالشهادتين والذكر، وعلى أعمال البدن والجوارح، كالصلاة والصيام والحج.[١][٢]


التوحيد أعلى شعب الإيمان

بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له أن أفضل شعب الإيمان وأعلى مراتبه على الإطلاق هي التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله، فجاء في حديثه: (الإيمانُ بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شعبةً، فأفضلُها قول لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمانِ)،[٣] وتعد كلمة التوحيد أساس الإيمان وأصل قبول الأعمال، إذ إن مقصودها إفراد الله تعالى وحده بالعبادة، ونفي جميع أنواع الآلهة الأخرى الباطلة، فهو الإله الحق الذي يستحق العبادة دون غيره، وتعد كلمة التوحيد مفتاح السعادة، والطريق إلى الجنة، فهي الفيصل بين المؤمن والكافر، وبين أهل الجنة وأهل النار.[٤][٥]


شروط التوحيد

حتى يتحقق إيمان العبد على الوجه الصحيح عند نطقه بكلمة الشهادة، يجب عند قولها أن تتضمن مجموعة شروط، وهي:[٤][٥]

  • العلم المنافي للجهل: أي أن يفهم معناها ويدرك مدلولها ومقصدها، ويعرف ما تثبته وما تنفيه، حتى يستطيع العمل بما تتضمنه، قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا اللَّـهُ).[٦]
  • اليقين المنافي للشكّ: أي أن يكون موقناً بها عند نطقها، يقيناً جازماً من قلبه، وموقناً بما تتضمنه من معاني ومقاصد، فلا تصحّ بمجرد نطقها، مع وجود الشك والريبة في قلبه، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).[٧]
  • القبول المنافي للرد: أي أن يقولها راضياً بها، قابلاً بما تتضمنه وما تدلّ عليه بقلبه ولسانه، فلا يصدّها ولا يردّها، فيؤمن ويعمل من غير سخط وتردد، فإذا لم يقبلها كان حاله مثل حال المشركين الذين يعلمون بالشهادتين ويوقنون بها، إلا انهم ردّوها استكباراً وعناداً فلم يقبلونها، فقال الله تعالى عنهم: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَـهَ إِلَّا اللَّـهُ يَسْتَكْبِرُونَ).[٨]
  • الانقياد المنافي للترك: أي أن يستسلم ويخضع إلى كل ما دلّت عليه، ويتبع أوامر الله تعالى وأحكامه، برضى وخضوع وإذعان، قال تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ).[٩]
  • الصدق المنافي للكذب: أي أن يقولها صادقاً بها في قلبه ولسانه، فيؤمن ويصدق بما تدل عليه ظاهراً وباطناً، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن أحَدٍ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِن قَلْبِهِ، إلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ علَى النَّارِ).[١٠]
  • الإخلاص المنافي للشرك: أي أن تكون عباداته لله وحده لا شريك له، فيبتغي بها وجه الله وحده دون سواه، فلا يقولها من أجل السمعة أو الرياء، أو أي مقصد من مقاصد الدنيا، قال تعالى: (أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ).[١١]
  • الحب المنافي للبغض: أي أن يكون الله تعالى ورسوله أحب إليه من نفسه، ويتجلى ذلك بفعل ما يحبه الله ورسوله، وترك ما يبغضه الله ورسوله، من الأقوال والأفعال، فيحب هذه الكلمة ومدلولاتها، ويحب أهلها العاملين بها.


المراجع

  1. موسى شاهين لاشين، كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث، صفحة 10. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين ، كتاب التعريف بالإسلام، صفحة 109. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:35، صحيح.
  4. ^ أ ب "شرح حديث شعب الإيمان"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/9/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد القادر عطا صوفي، كتاب المفيد في مهمات التوحيد، صفحة 70-74. بتصرّف.
  6. سورة سورة محمد ، آية:19
  7. سورة سورة الحجرات، آية:15
  8. سورة سورة الصافات، آية:35
  9. سورة الزمر، آية:54
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:128، صحيح.
  11. سورة سورة الزمر، آية:3